الخميس, مارس 28, 2024
No menu items!
الرئيسيةالتحقيقاتتصنيع المنظفات في المنازل رقابة ضعيفة وإضرار بالمُصنع والمستهلك

تصنيع المنظفات في المنازل رقابة ضعيفة وإضرار بالمُصنع والمستهلك

تحقيق- محمد الجمل

تغص الأسواق الشعبية المنتشرة في كافة أنحاء قطاع غزة، بمئات العبوات البلاستيكية ذات الأحجام المختلفة، الممتلئة بسائل تنظيف لزج، ألونه متعددة، ولاستخدامات متنوعة، يتراوح ثمن العبوة الواحدة سعة “1 لتر” ما بين 1-12 شيكل، حسب نوعها واستخداماتها.

واللافت أن العبواتِ المذكورةِ ومحتواها مصنّعٌ محلياً، تخلو من أيةِ كتاباتٍ على الغلاف تحدد جهةَ التصنيعِ أو التركيبةِ، أو حتى تاريخ الصلاحية، أو إرشادات الاستخدام، لكن ورغم ذلك تجد هذه العبوات إقبالاً ويشتريها المواطنون بكثرة، لرخصِ أسعارها مقارنةً بالعبوات المنتجة من خلال مصانعٍ مرخصة، أو المستوردة من خارج القطاع، بل ويصر مواطنون على شرائها نظراً لفعاليتها العالية في التنظيف كما يقولون، متجاهلين الآثار الخطيرة الناجمة عن استخدامها.

سائل تنظيف رخيص

وينتشر في الشوارع والأسواق الشعبية العشرات من باعة المنظفات المصنعة محليا، اذ يقول أحدُهم ويَدُعى عمر نصر، وكان يبيع في سوق الأربعاء الأسبوعية بمحافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، إنه يشتري العبوات المذكورة من مواطن يصنعها في بيته، وهناك خمس أصناف منها، صابون لجلي الأواني، ويباع اللتر الواحد منه مقابل 2 شيكلاً، وكذلك صابون غسيل الملابس للغسالات الاوتوماتيك، تباع العبوة سعة لتر منه ب 12 شيكل، وهو أغلاها ثمناً، وصابون مسح الأرضيات “البلاط والكراميكا”، والعبوة سعة لتر تباع مقابل 1 شيكل، ومعطر للملابس والأرضيات، موضحاً أن بعض المصنعين يصنعون شامبو ويضعونه في عبوات تحمل أسماء وماركات عالمية، ويباع بأسعار أقل.

وهو ما أكده أحد باعة الشامبو ومساحيق التجميل في سوق رفح الأسبوعية، إذ أكد أن هناك مصانع غير مرخصة، تزوّر وتزيفُ شامبو ومستحضرات تجميل تصنع في منازل ومصانع غير مرخصة، وتُوضعُ في عبوات تحمل أسماء وشعارات ماركات عالمية، موضحاً أن معظم ما هو معروض في الأسواق من أصنافٍ مقلد ومزيف.

مصانع منزلية

وبعد البحث وسؤال الباعة، اتضح لمعد التحقيق انتشار عشرات المصانع والمعامل المنزلية متعددة الأحجام والقدرات، تقوم بتصنيع مواد التنظيف بعد شراء المواد الخام التي تدخل في عملية التصنيع وأبرزها مادة “إيتا” واسمها العلمي Ethanolamine وهي المادة الفعالة وتدخل في تصنيع كافة مواد التنظيف، إضافة لمادة تسمى “لبص”، وأصباغٍ، وروائحٍ، ومواد حافظة، إضافة إلى ملح الطعام، وهو عنصر ضروري في الصناعة.

وتقول المواطنة أم أحمد سالم، وتصنع نوعين من مواد التنظيف “سائل غسيل أطباق، وسائل غسيل ملابس”، إنها خضعت لدورة تصنيع يعطيها مختص، وبعد أسبوعين أصبح لديها معرفة بطرق تصنيع وتركيب مجموعة من المواد الكيميائية، التي ينتج عنها صابون أو سائل تنظيف ذو فعالية جيدة.

وأكدت سالم أن البداية كانت محدودة، تصنع لاستخدامها المنزلي فقط، وهذا كان هدفها من الدورة، ثم تدرج الأمر وأصبحت تصنع لجاراتها وقريباتها دون مقابل، فقط تأخذ ثمن المواد الخام، ثم بدأت بتحويل الأمر لمصدر رزق، إذ تصنع كمية من المنظفات، وتبيعها لمن يطلبها.

وشددت سالم على أن التصنيع أمر مرهق ويحوي بعض المضار الصحية، فبعض أنواع المنظفات تحتاج لتحريك محتواها السائل باستمرار لمدةٍ لا تقل عن ساعتين، بحيث تضاف المواد الخام بصورة متتابعة، وعند إضافة بعض المواد خاصة “إيتا” والمواد الحافظة، تُشتمُ رائجة كريهة، ويحدثُ سخونةً للسائل نتيجة التفاعل، وهذا ينتج عنه تهيج جلدي خاصة في الوجه، يتبعه احمرار حول العينين، ما يضطرها لغسل وجهها بالماء البارد النظيف عدة مرات.

وهو ما أكده الدكتور إبراهيم منصور، أخصائي الأمراض الجلدية والتناسلية، إذ صنف الأضرار الناجمة عن التصنيع الخطأ للمنظفات إلى نوعين، الأول تحسس جلدي لدى بعض الناس ممن لديهم حساسية لأحد المركبات، وتزيد هذه الحساسية مع زيادة تركيز المركب، بينما النوع الآخر وهو الأخطر ويتمثل في حدوث تحسس جلدي لدى كل من يلامس السائل المصنع الذي يحتوي على نسب خاطئة في المركبات، وهذا يصيب المصنع والمستهلك على حد سواء.

وأكد أن الأضرار التحسسية تنقسم إلى نوعين أيضاً، بعضها آني يحدث عن ملامسة السائل، والأخرى قد تظهر بعد فترة، ناهيك عن الأضرار التي قد يتعرض لها الشخص من خلال استنشاق بعض الروائح الناتجة عن تفاعل المواد مع بعضها، خاصة في حال الإخلال بالتركيب، أو زيادة التركيز على النسب المسموحة، وهي أضرار صحية أكبر وأخطر من التحسس، كالتأثير على الجهاز التنفسي.

ونصح الدكتور منصور بعدم التصنيع دون معرفة تامة بتركيبة المواد والنسب، كذلك استخدام قفازات جلدية، ووضع واقي على الوجه، ناصحاً المستهلكين بتجنب شراء المنظفات العشوائية مجهولة المصدر والتركيب.

لكن المصنعة سالم أشارت إلى أنها تنبهت للأمر، وبدأت تتخذ بعض الإجراءات الاحترازية، منها ارتداء قفازات جلدية، ووضع كمامة، والابتعاد عن مكان التصنيع لمدة تزيد على 15 دقيقة عند وضع الايتا، والمواد الحافظة ومادة “اللبص” فوق المكونات، حتى تخف وتهدأ التفاعلات، والابتعاد عن بعض المواد التي توضع في الماء لساعات.

وعمليات التصنيع تلك تعتبر مخالفة للقوانين الفلسطينية، اذ تنص المادة 2 من الفصل الأـول من قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لعام 2005 على ” وجوب حماية وضمان حقوق المستهلك بما يكفل له عدم التعرض لأية مخاطر صحية أو غبن أو خسائر اقتصادية” .

مواد خطرة

من جانبه قال رئيس قسم الكيمياء بالجامعة الإسلامية د.رامي مرجان، إن الخطورة الحقيقة في صناعة مواد التنظيف تكمن في غياب المفهوم العلمي، فيقوم المصنعون بخلط المواد مع بعضها البعض وتخرج لهم مادة تنظف ولها رائحة وصبغة وقد تؤدي الغرض، لكنها بعيدة تماماً عن المعايير الصحيحة.

وأضاف بأنه في صناعة مواد التنظيف بنسبة 95% عند خلط المواد لا يحدث تفاعلات كيميائية بالمعنى المتعارف، وتتم العملية بأن تفقد كل مادة بعضاً من خواصها لصالح الأخرى.

وعن أخطر المكونات التي تُستخدمُ في العملية أوضح مرجان أنَّ حمضَ الهيدروكليك، وهيدروكسيد الصوديوم، وحمض السلفونيك، والكلور، بالإضافة إلى الأصباغ التي تضاف بنسب عالية وهي الأخطر على صحة الإنسان، حيث تسبب مشاكل تنعكس على المُصنّعِ والمُستخدم على حدٍ سواء.

وبيّن مرجان، أنَّ صناعةَ موادِ التنظيفِ تتمُ وفق حسابات في استخدام المركبات الكيميائية، مشيراً إلى أن زيادة المواد الحمضية قد تصيب الشخص بأمراض جلدية خطيرة.

وأردف أنَّ هناك مشاكل صحية منها ما يظهر بشكل مباشر مثل التقشر والتقرحات في الجلد، وأخرى بعيدة المدى تؤثر على الجهاز التنفسي، والجهاز العصبي، وتتسبب بأمراض الصدر، مشيراً أن ما يزيد الأمر سوءاً هو تصنيع هذه المواد في أماكن مغلقة لا يوجد فيها تهوية.

والإضرار بالمستهلكين يخالف نص البند رقم 1 من المادة 3 من الفصل الثاني من قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لعام 2005 الذي ينص على: “يتمتع المستهلك بالحقوق الآتية: الحفاظ على صحته وسلامته عند استعماله للسلعة أو الخدمة من حيث الجودة والنوعية”.

وعند سؤاله عن الدورات المحلية التي تعطى لبعض السيدات، وهل هي كافية بحمايتهن وتعليمهن، أجاب مرجان أن المؤسسة التي تقوم بإعطاء الدورات تكون متخصصة، وتعطي الأمور بشكل علمي جيد، لكن الخلل في التطبيق، فلا يلتزم المتدرب بالمعايير عند صناعته مواد التنظيف، التي تصبح فيما بعد باباً لرزقه ورزق عائلته، والالتزام بالمعايير الجيدة العلمية التي يراها مكلفة بالنسبة له، ومن هنا تبدأ العشوائية في التطبيق.

وعبّر مرجان عن اعتقاده بانتشار وتنامي الظاهرة، حتى أصبح انتشار تصنيع مواد التنظيف أكبر من أن يتابع من قبل وزارة الاقتصاد، بسبب الظروف السياسية القائمة في قطاع غزة، ولا يُوجدُ موظفين بعدد كافي في الوزارة للقيام بدور الرقابة والمتابعة، بالإضافة أن هذا مشروع مربح وسهل بإمكان أي شخص القيام به.

وأكدَّ أنَّ أصحاب المصانع والمعامل في غزة يجهلون الآثار المترتبة على استخدام هذه المواد، ولا يعرفون أسمائها، بل يعتمدون على تركيبات وطرق موجودة على بعض صفحات الانترنت.

وأوصى مرجان بأن تبذل الجهات المختصة جهوداً أكبر في زيادة الوعي والمتابعة والرقابة، لما لهذا الأمر من تأثير كبير على المجتمع والاقتصاد الذي تأثر سلباً بسبب فقدان الثقة في المُنتجُ المحلي.

وتنص المادة رقم 7 من الفصل الرابع من قانون حماية المستهلك الفلسطيني، على ما يلي” يجب أن يكون المنتج مطابقاً للتعليمات الفنية الإلزامية، من حيث بيان طبيعة المنتجات ونوعها ومواصفاتها الجوهرية ومكوناتها، ويخضع لذلك أيضاً عمليات التعبئة والتغليف، التي تشمل عناصر التعريف بالمنتج والاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال، والمصدر والمنشأ وتاريخ الصنع، وتاريخ انتهاء الصلاحية، وكذلك طريقة الاستخدام، مع مراعاة ما تنص عليه القوانين والأنظمة والقرارات ذات العلاقة، وخصوصاً المتعلق منها بسلامة البيئة”.

متابعة محدودة

وبدا واضحاً أن متابعة وزارة الاقتصاد الوطني للمصانع والمعامل المنزلية غير المرخصة محدودة، رغم الجهود التي تبذلها الوزارة في هذا الإطار، اذ يقول محمد العبادلة مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الوطني بقطاع غزة، إن تصنيع أي سلعة غذائية أو استهلاكية بدون علم وزارة الاقتصاد، وبدون أخذ التراخيص اللازمة أمر مخالف للقانون، ويعرض صاحبه للمسؤولية.

وأوضح أن وزارة الاقتصاد ودائرة حماية المستهلك تحظر وتمنع تصنيع مواد التنظيف في مصانع أو معامل غير مرخصة أو في منازل، لما لذلك من أضرار صحية خطيرة على المُصنّعِ والمُستهلك، فالمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الصابون وغيرها من مواد التنظيف هي في مجملها مواد خطيرة، في حال وضعت بنسبٍ غير صحيحة، تعرض المصنع للخطر، ووصلت الوزارة شكاوى حول إصابات في الجلد، وتساقط في الشعر بسبب عمليات تصنيع غير صحيحة لمواد التنظيف.

وأكد العبادلة أن مُصّنعِي ومسوقيْ مواد التنظيف التي تصنع في البيوت أو في مصانع سرية، يعلمون أن ما يقومون به مخالف للقانون، لذلك يعمدون إلى تسويق إنتاجهم في فترات ما بعد انتهاء دوام الوزارة، إما في الشوارع عبر عربات كارو، أو أمام مساجد، أو في أسواقٍ شعبية، لكن الوزارة تنبهت لهذا العمل، وبدأت بملاحقة هؤلاء الباعة والمصنعين، وضبط ما يبيعونه.

وأكد أن الإجراء المتخذ من قبل الوزارة في حال ضبطت كميات مصنعة بدون ترخيص، تتلخص في ضبط ومصادرة الكمية، وكتابة تعهد من قبل المصنع أو البائع بالتوقف عن ممارسة هذا النشاط غير المرخص، وإذا رغب الشخص في التصنيع فالوزارة تساعده وتسهل عليه الأمر، فبعد تقديم الطلب يتم إخضاعه لدورات متخصصة في التصنيع السليم، وتعريفه بدور كل مادة، وخطورتها، وخصائص التفاعلات بين المواد، بعد ذلك يمنح ترخيص ويفتح مصنع، ويمنح فترة سماح من الضريبة لمدة ستة أشهر، وبعد انتهاء هذه الفترة يصبح مخير إما الاستمرار في هذا النشاط ودفع الالتزامات المالية والضرائب، أو وقف التصنيع في حال اكتشف أن الأمر غير مجدي.

وقال العبادلة: المهم أن يتم العمل والتصنيع تحت إشراف ومراقبة مفتشي الوزارة، حتى نتأكد أنَّ العمليةَ تتمُ بطريقةٍ علميةً سليمةً تحفظُ حياة المستهلك والمُصنّع، وتكون المواد المباعة مطابقةً للمواصفات الفلسطينية.

وأوضح أن الوزارة تواجه مشكلة في التعامل مع تصنيع مواد التنظيف في البيوت، فبعض ربات البيوت يصنعن المواد لاستخدامهن في المنزل، وهذا أمر خطير، وهناك بعض المواطنين يحولون منازلهم لمصانع، لكن كي تتحرك الوزارة قانونياً يجب أن يكون هناك شكاوى من المواطنين، بوجود مصنع غير مرخص داخل منزل، حينها يمكن التحرك لإغلاقه، ومنع التصنيع بداخله.

إقبال كبير

وتقول المواطنة منى بشير، واشترت عبوتين لغسل الأطباق والأواني من أحد الباعة بسوق رفح، إنها تشتري المنظفات المصنعة محلياً منذ أكثر من عام ونصف، فهي أرخص في السعر وأفضل من المستوردة من حيث النتائج، موضحة أن ثمة عبوة سائل الجلي المستوردة سعة 700 مليلتر ب أربعة شواكل، في حين نظيرتها المصنعة محلياً سعة لتر واحد 2 شيكل.

وأكدت بشير أنها تشتري المنظفات من باعةٍ متجولين، أو من الأسواق الشعبية، وقد قاطعت منذ مدة شراء مساحيق الغسيل التقليدية مرتفعة الثمن، وباتت تشتري صابون غسيل سائل، فهو أفضل للملابس وللغسالة، ويوفر 60% من الأموال في حال تم شراء المسحوق المستورد.

بينما يقول المواطن أيمن عابد، أنه يشتري لزوجته مواد التنظيف من الباعة المتجولين، لكنه اكتشفت أمراً غريباً، أن صابون التنظيف سواء المستخدم في جلي الأواني أو غسل الملابس يختلف من بائعٍ لآخر وحتى من عبوةٍ لعبوةٍ، ويبدو أن المصنعين يتلاعبون عن قصد أو عن غير علم بالمواد الفعالة التي تدخل في عملية التنظيف.

وأشار إلى أن بعض المواد خاصة التي تلامس اليد مثل سائل الجلي تكون مركزة أكثر من اللازم، وبعد الانتهاء من الجلي تلاحظ زوجته حدوث احمرار وتشقق في يديها وأحيانا يحدث طفح جلدي، وفي بعض الأحيان يكون التركيز قليل أو شبه معدوم، فتلاحظ أن الصابون لا يسهم في تنظيف الأواني بشكل جيد.

وأكد أن زوجته باتت تستخدم قفازات يد جلدية لتتجنب ملامسة مواد التنظيف ليديها، وتتمنى لو فُرضتْ رقابة على المصنعين المحليين، ليتم ضبط الأمور وتجنب التصنيع العشوائي وغير المراقب.

ويؤكد مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد محمد العبادلة أن وزارته ماضية في تثقيف المستهلكين والمواطنين، عبر إعطائهم دورات أو توزيع منشورات، ليصبح كل مواطن مفتش تموين، فعدد مفتشي الوزارة في قطاع غزة 35 وهذا غير كافي للسيطرة على الأسواق والمصانع، لذلك هناك سياسة تنتهجها الوزارة وتمضي فيها، ما يساهم في حفظ سلامة كل مواطن، فعندما يجد المواطن أي مخالفةٍ، أو يعلم أن جاره أو قريبه يُصنّع مواد تنظيف بدون ترخيص، أو هناك بائع يبيع مواد تنظيف مصنعة منزليا، يتصل بهواتف الوزارة لإخبارهم، فهذا يكون في صالح المصنع والمستهلك في آن واحد.

مواد خام متوفرة

أما المواطن أحمد جمعة، فأكد أنه يشتري المواد الخام المستخدمة في عملية التصنيع من مواطنة تتجول على المنازل، وتبيعها للراغبين في التصنيع، كما انها تُباع في محالٍ بشكل علني، وهو يقوم بتصنيع مواد التنظيف بأصنافها المختلفة منذ مدة، لكنه لا يبيعها، فالتصنيع مقتصر على الاستخدام المنزلي له ولأشقائه وأقربائه، وقد ابتكر طرق لتسهيل عملية التصنيع، كتحريك المكونات بواسطة آلة مثقاب “مقدح” صمم لها أداة تحريك معدنية على شكل حرف “T”، باللغة الانجليزية ليساعده في سرعة تقليب وتحريك المكونات، والحصول على اللزوجة المطلوبة.

مصانع تزور الماركات

وحول المواطن أيمن خالد، ورفض ذكر اسمه كاملاً، عربة الكارو التي يمتلكها إلى متجر متنقل لبيع جميع أنواع المنظفات، الموضوعة في عبوات بلاستيكية بدون أي كتابات، وأخرى تحمل أسماء ماركات معروفة.

وأقر خالد بأن كل ما يحمله عبارة عن منظفات من تصنيع محلي، حتى تلك المعبأة في عبوات ومغلفات تحمل اسم شركات عالمية، معللاً ذلك بأن بعض الزبائن يصرون على شراء نوعٍ محدد من المنظفات، لذلك يحاول كما يقول إرضائهم، فيضع لهم ما يصنعه في عبوة تحمل اسم شركة.

ورغم معرفته بأن ما يفعله يعرضه لمسائلة، إلا أن خالد أكد أن ضيق الحال وانعدام فرص العمل يدفعه لفعل ذلك من أجل كسب المال.

وأوضح أنه يعمل في منزله بشكل سري، ويجلب المكونات والمواد الخام من أحد التجار، ويصنع المواد، ويضعها في عبوات، وبعض ما صنعه يبيعه لفتية يعرضونه في الأسواق، وجزء يحمله هو على عربة الكارو ويتجول به في الأحياء السكنية، مستخدما مكبر صوت للفت انتباه ربات البيوت، واللواتي يرسلن أبنائهن للشراء.

ورغم تعرضه في إحدى المرات لإجراءات بعد ضبط الكمية التي يبيعها من قبل مفتشي تموين، إلا أن خالد لا ينوي التوقف عن التصنيع والبيع طالما لا يتوفر لديه مصدر رزق آخر.

ووثق معد التحقيق قيام أساتذة جامعات متخصصين في الكيمياء، باستغلال إقبال الناس على التصنيع، والإعلان عن عقد دورات لتصنيع المنظفات، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 400 شيكل للدورة الواحدة، رغم أن هذا الإجراء يعد مخالف للقانون، خاصة أن مثل هذه الدورات لا بد أن تعقد بإشراف ومتابعة الجهات الحكومية المعنية، التي لا تسمح بتصنيع مواد التنظيف دون أخذ تراخيص مناسبة، ومتابعة من قبلها.

أضرار اقتصادية

ويرى الخبير الاقتصادي د. معين رجب أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، أن المنظفات تعتبر من السلع الضرورية التي يحتاج لها المنزل بشكل يومي، ويقبل عليها المستخدم بشكلٍ كبير، لذلك من المفترض أن تكون خاضعة لجميع الإجراءات الواجب الالتزام بها من قبل دائرة المتابعة والرقابة في وزارة الاقتصاد الوطني، وتكون مطابقة “للمواصفات الفلسطينية”، ومن الخطأ تصنيعها في المنازل، فهذا له ضرر اقتصادي كبير، ويؤثر على الأنواع المستوردة أو المصنعة بشكل رسمي في مصانع مرخصة.

وأضاف أن هذه مسؤولية تقع على عاتق وزارة الاقتصاد الوطني ومؤسسة المقاييس والمواصفات الفلسطينية، فيجب أن تكون كل السلع موضح عليها رقم وتصنيف خاص بها، ومواصفات السلعة وتركيبها وتاريخ الصلاحية، وهذه تكون بمثابة شهادة للمنتج يعرف بها.

وأكد رجب أنه لا يجوز للمنتج والموزع والبائع مخالفة هذه الشروط، وعلى الجهات الرقابية المختصة ملاحقتهم، لأنّ أضرارَ بيع المنتجات التي لا تلتزم بالمعايير وتكون غير مرخصة كبير على المستهلك نفسه، حتى وإن حصل على سلعةٍ رخيصةٍ الثمن، لكن الجودة متدنية، أيضاً هذا يضر بالصناعات الوطنية الواجب تشجيعها، وتحقق ربح لمصنعي ومروجي هذه المنظفات بغير وجه حق.

 

الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا على منصات التواصل الاجتماعي

3,300المشجعينمثل
5,723أتباعتابع
458أتباعتابع
533أتباعتابع
1,500المشتركينالاشتراك

الأكثر شهرة

أحدث إصدار من مجلة إنسان

احدث التعليقات