الخميس, مارس 28, 2024
No menu items!
الرئيسيةالتحقيقاتبين سماسرة الأراضي والجهات الحكومية.. أحلام العائلات الفقيرة تدمر!

بين سماسرة الأراضي والجهات الحكومية.. أحلام العائلات الفقيرة تدمر!

سماسرة الأراضي والجهات الحكومية

تحقيق – صابرين أبو ختله

في الطريق إلى حي التوحيد الواقع في المنطقة الغربية لمحافظة رفح، المعروفة شعبياً بمنطقة “السوافي”،

ينتظر أصحاب بعض المنازل الفقيرة دورهم بهدم منازلهم ضمن حملة جديدة شرعت بها سلطة الأراضي بهدم

كل ما اقيم على أراضي حكومية بطريقة غير شرعية.
أراض مزروعة وبيوت مسقوفة بالاسبست وعسف النخيل، ضمن منطقة محسوبة لفترة طويلة على أنها ارض زراعية

تعود لمجموعة من المزارعين، هكذا يدعي سكانها، من بينها بيت بني حديثا من الباطون يعود للحاجة الخمسينية “أم علي”

التي انهت بناءه قبل أشهر قليلة ولا زالت تقوم بتسديد أقساط مالية تكبدتها نتيجة البناء.
“تحويشة الزمن” هذا ما قالته “أم علي” جمعت نقودها التي إذخرتها من بداية حياتها حتى استطاعت الوصول لصاحب

احد مكاتب العقارات الرئيسية في رفح، اشترت منه قطعة الارض على انها أرض زراعية تعود ملكيتها لعائلة امتلكتها في السابق

وهذا ما زاد الاطمئنان داخلها.

ام علي
شرعت أم علي في بناء بيتها على هذه الأرض الذي طالما حلمت أن تمتلكه، واطمأن قلبها أكثر عند زيارة وفد من البلدية

كان يتابع عملية البناء بما ينسجم مع مواصفاته كبناء على أرض زراعية، وفق قولها.
وحصلت “أم علي” كما جيرانها على ترخيص مياه من مصلحة المياه في رفح.

كابوس!
كل شيء كان يسير على ما يرام لا شيء يدعو للقلق، حتى تفاجأت بطرق باب بيتها يوم السبت الموافق السابع والعشرين

من يوليو 2019 الساعة السابعة مساءا اذ بموظف من طرف سلطة الأراضي، يخطرها بضرورة اخلاء البيت للشروع بهدمه،

كونه مقام على ارض حكومية.

عقارب الزمن
هنا توقفت عقارب الزمن لدى ام علي التي غابت عن وعيها دون ان تدرك إن كانت في كابوس أم واقع،

لتُفاجئ انها وقعت في فخ نصب واحتيال كانت ضحيته الأولى.
إلى جانب منزل “أم علي” كان يقف والد الشهيد “علي خفاجة” يذرف دموعه على أرضه التي يراد تجريفها والتي اشتراها

من مستحقات ابنه الشهيد، قائلاً: “أمتلك عقود رسمية لم يخبروني انها أرض حكومية”.
توقع خفاجة أن قطعة الأرض التي اشتراها سترحمه من العيش في منزل بالمخيم مكون من غرفتين صغيرتين يضيق بهما العيش لثمانية أفراد،

وسوف يقوم بناء بيت أفضل يأويه وأطفاله يستنشق منه هواء الطبيعة وراحة البال.
” عاطف اللوقة” الذي يبلغ من العمر خمسة واربعون عاماً يعيش واسرته المكونة من خمس أفراد في غرفة من بيت العيلة،

ولم يكن أفضل حالا من جيرانه تحدث والحسرة تعتصر قلبه: “بعت ذهب زوجتي واقترضت مبلغا من بعض المعارف والاصدقاء لأشتري

قطعة الأرض وابني عليها بيت صغير من غرفتين يأويني أنا وأسرتي، وما ان بدأت ببناء السور تفاجأت بتجريف الأرض التي

جرف معها حلمي وحملتني أثقال ديوني”.

سماسرة بالعلن!
حصلت معدة التحقيق على رقم السمسار الذي باع الأرض لام علي وخفاجة، فرفض اجراء المقابلة متذرعاً بكونه موظفًا

حكوميا ويعمل في احدى مكاتب العقارات وهذه المقابلة ستسبب له المشاكل، فيما أكدّ أن هذه الأرض زراعية نافيا ان تكون حكومية.
وبالتواصل مع سمسار آخر من السماسرة الذين شرعوا في بيع هذه الأراضي، متحدثا أنه يتم اشعار المشترين بأن الاراضي

المباعة لهم أرض حكومية، لكنّ لها ملكية أفراد ينازعون الحكومة عليها والقضية برمتها منظورة في القضاء.
وبحسب السمسار إنّ أصحاب هذه الأرض حصلوا على حكم قضائي مبدئي يجيز لهم مد الكهرباء والمياه، وهي المعلومة

التي نفتها الجهات الرسمية وتحديدا بلدية رفح.
إخطارات عملية التجريف والهدم طالت أراضي أخرى مجاورة لمنزل “أم علي” يقول أصحابها أنهم حصلوا على تراخيص من مصلحة المياه،

متسائلين “كيف نحصل على تصاريح من جهة رسمية على ارض تقول الحكومة انها تابعة لها!؟”
مؤكدين على أنهم حصلوا عليها بموجب عقود، من سماسرة معروفين بالمحافظة وموقعة لدى المحامين، وتعود ملكيتها

تبعا للعقود إلى عائلات معروفة.
أشار أحد المواطنين المتضررين وهو محمد محيسن الي أنّ تملكهم للأرض جاء بعد توقيعهم على عقود تفيد بأن ملكيتها تعود لشخصيات معروفة،

وبناء على عقود وقعت لدى محامين، ومن تجار وسماسرة معرفين بعضهم يعمل في مكتب معروف برفح.
ويشير محيسن إلى أنّ طواقم البلدية زارت المكان اكثر من مرة ولم تعترض ولم تفدهم أنها ارض حكومية.

شباك السماسرة!
على الجانب الآخر من الرصيف، يقف أبو وائل البالغ من العمر ستون عاما يراقب مصير جيرانه، فهو الآخر يصارع الحكومة

في أروقة المحاكم للحفاظ على بيته.
يقول: “إن بعض التجار والسماسرة يعملون على بيع هذه الأرض دون توضيح الحقائق المرتبط بخلفيتها للمشترين،

وفق قوله أشخاص لهم علاقات ونفوذ ويعملون في الحكومة.
وتتضارب الأقوال بين جهات رسمية أحداهما تعمل على منح تراخيص اشتراك للمياه مقابل ألف شيكل يدفعها المواطن ممثلة بمصلحة المياه،

وأخرى تقول إن هذا المكان حكومي ممثلة بسلطة الأراضي ، والبلدية التي تجاهلت عملية التنبيه للمواطنين حول حقيقة ملكية المكان،

تبعا لاتهامات المواطنين.
بين الجهات الرسمية والسماسرة ضاعت أحلام مواطنين بسطاء أمام هدم وتجريف منازلهم واراضيهم، وبجوار تلك الأراضي مرافق تم انشاؤها بناءا على عقود ايجار بين سلطة الاراضي لمصلحة جمعية خيرية لبناء صالة أفراح تبعد عن الارض المتنازع عليها حوالي 100م.

تضارب المسؤولية!
اتجهت معدة التحقيق الي الجهات الرسمية لمعرفة كيف تعاملت مع هذه القضية، ومن المتهم ومن الضحية؟؟،

دارت الأسئلة بين فلك هذه المحاور للحصول على إجابة تختص قضية من أكثر القضايا الهامة في

ظل الاعتداءات اليومية على اراضي حكومية وجشع سماسرة الاراضي وأصحاب النفوذ.
أقرّت مصلحة مياه الساحل ترخيصها ومنحها الاشتراك المؤقت للمياه لأصحاب هذه المنازل وبناء على مكاتبات اعتمدت

من مدير عام المصلحة منذر شبلاق، لدواع إنسانية واجتماعية وهذا ما أكده المواطنين بحصولهم على تمديد مياه من المصلحة
وقال مدير مصلحة المياه في محافظة رفح محمد العبويني، “إنّ الافراد المستفيدين لم ينجحوا في جلب ورقة عدم ممانعة من البلدية،

وتقدموا لأسباب إنسانية لمدير المصلحة وجرى الموافقة على منحهم الاشتراك، مقابل التوقيع على التزام ينص

بعدم المطالبة بقيمة اشتراك المياه في حالة هدم المنزل أو دخوله في مخطط الإسكان الحكومي او غيره”.
ويتضمن الإقرار بموجب نسخة حصلت عليه معدة التحقيق، استكمال إجراءات ترخيص المنزل وإجراءات البلدية واحضار عدم ممانعة لتوصيل المياه خلال فترة لا تقل عن ستة أشهر، والتعهد بتحمل كامل المسؤولية عن هذا الاشتراك المؤقت وتسديد كامل الاستهلاك الشهري.
وأوضح العبويني أن منح التراخيص يعتمد على معيارين،

ـأولهما الحصول على عدم ممانعة من البلدية والثاني مدى الامكانية الفنية لاستكمال العملية. وثيقة “1”
صبحي رضوان رئيس بلدية رفح، نفى بشكل قاطع معرفة البلدية في قضية ترخيص المياه من طرف مصلحة الساحل،

مشددًا على أن الأخيرة لم تتواصل مع البلدية بالإطلاق حول منح هذه التراخيص.
وقال رضوان إنّ عملية التراخيص تمت من مصلحة مياه بلديات الساحل دون علم بلدية رفح، مشيرا إلى أنه جرى التواصل

مع المصلحة ومطالبتها الالتزام بالمعايير المختصة بمنح تراخيص المياه.
وذكر أن مصلحة المياه لم يكن لديهم العلم الكاف حول هذه الإجراءات، وتمت مراجعتهم بالتوقف عن منح التراخيص دون العودة للبلدية.
ونفى رضوان أن تكون البلدية قد أجازت عملية بناء في هذه المنطقة، خلافا لشهادة بعض المواطنين،

مشيرا في الوقت ذاته الى انه جرى تسليمهم إخطارات الازالة.

إصرار على الازالة
وكيل سلطة الأراضي ماهر أبو صبحة أكد بدوره، على أن ّحي التوحيد أراضي حكومية، ووصف أبو صبحة المواطنين المتواجدين عليها

بـ”اللصوص” الذين “تعدوا على الملك العام”، مهددا بمحاسبتهم والعمل على تطبيق قانون تجريم التعدي على الأراضي الحكومية لعام 2017م.
ويخول القانون لرئيس سلطة الاراضي صلاحية ازالة التعديات بقرار اداري وبصورة فورية ومعاقبة المعتدين بالسجن لمدة اربع

سنوات وغرامة مالية أربعين ألف دينار أردني.
وأكدّ أبو صبحة أن عمليات الازالة ستتواصل لحين استرداد الاراضي الحكومية التي هي ملك للأجيال القادمة، تبعا لقوله.
أما فيما يتعلق بمنهجية سلطة الاراضي في منح الاراضي الحكومية للغير فكان الرد “لسلطة الاراضي الحق في تأجير الاراضي الحكومية

من خلال تقديم طلب ويتم عرضه على لجنة، وبناءً عليه يتم التأجير سواء للاستثمار العام كبناء مدارس ومستشفيات أو استثمار خاص”.
ويبقى السؤال عن مصير هذه العوائل التي ينتظرها المجهول، إما الحبس نتيجة تقديم سلطة الأراضي قرارات حبس للنيابة العامة بحقهم، أو هدم منازلهم وتجريف أراضيهم؟

والسؤال الأكثر أهمية من يتحمل مسؤولية جشع السماسرة الذين يعملون في وضح النهار وعلى مرأي ومسمع الجميع؟

وتضارب عمل الجهات الحكومية لتجرف أحلام تسع عائلات يحلمون بجدران تأويهم.

بين سماسرة الأراضي والجهات الحكومية.. أحلام العائلات الفقيرة تدمر!

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا على منصات التواصل الاجتماعي

3,300المشجعينمثل
5,723أتباعتابع
458أتباعتابع
533أتباعتابع
1,500المشتركينالاشتراك

الأكثر شهرة

أحدث إصدار من مجلة إنسان

احدث التعليقات