رفح-ملتقى اعلاميات الجنوب
أثار عرض فيلم “كمكمة” لـ اسلام عليان واريج أبو عيد وفيلم ” أبيض وأسود لـ رنا مطر حالة من النقاش الفعال في قاعة ملتقى اعلاميات الجنوب، التي عرضت الفيلمين ضمن فعاليات مشروع ” يلا نشوف فيلم!”، وهو مشروع شراكة ثقافية – مجتمعية تديره مؤسسة “شاشات سينما المرأة”، بالشراكة مع “جمعية الخريجات الجامعيات بغزة”، وجمعية “عباد الشمس لحقوق الإنسان والبيئة”، بدعم رئيس من الاتحاد الأوروبي ضمن مشروع “تعزيز المواطنة والحوكمة في فلسطين” وبتمويل مساند من مؤسسة “CFD” السويسرية وممثلية جمهورية بولندا في فلسطين.
ويتناول فيلم كمكمة ثقافة المجتمع الغزي التي تتبلور في كيفية إخفاء ذاته بكافة أطيافه وأشكاله العامة، اللثام، وظلمة النهار، فوق السماء وتحت الأرض.
فيما يستحضر فيلم أبيض وأسود واقع الرياضة النسوية، منذ سنوات ما قبل الاحتلال وما تم تحقيقه من انجازات في هذا المضمار، وما لحق بالرياضة النسوية من تراجع، والنهضة التي بدأت من جديد مع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية عبر صور وشخصيات، أناقة ورشاقة وجمال، بطولات ومشاركات، كؤوس وجوائز، منهن من تنازلن عن حلم الرياضية الفلسطينية، ومنهن من مثلن امتداداً للإرادة ومواجهة للعقبات، وما زلن يلهثن للوصول بالرغم من صفارات المجتمع التي تهدد مسيرتهن بالتوقف والاختفاء.
ودارت بعد عرض الفيلمين، ان فيلم كمكمة استعرض الأحداث التي عاشها القطاع خلال السنوات الاخيرة، ولكن مضمون الفيلم لم يعكس ما أوحى اليه اسمه قائلاً ” اعتقدت ان الفيلم سيتحدث عن كبت الحريات وتكميم الافواه ولكن المضمون جاء مغايرا تماما.
وفيما يتعلق بفيلم أبيض وأسود أشار ان الفيلم استعراض لواقع الرياضة النسوية من فترة الستينات وحتى قدوم السلطة الوطنية معترضاً على ربط مخرجة الفيلم العراقيل التي تواجه المرأة الرياضية بالدين، لافتاً ان من تؤمن برسالتها لا تخضع لأي موانع سواء كانت دينية أو مجتمعية.
اما مشارك آخر فاعتبر ان الافلام المختارة بشكل عام تظهر ان المرأة مضطهدة وان هذا الاضطهاد مصدره الرجل ، مشيرا ان هذه الافلام مبالغ فيها ولا تعبر عن الواقع ، وفيما يخص فيلم كمكمة فعبر قائلا: ” ان الفيلم كما فهمته يتحدث عن الأقنعة التي تستخدم لأهداف مختلفة تعكس توجهات أصحابها ، مثل عمال الانفاق الذين يعملون بشكل غير شرعي فيرتدون القناع لإخفاء شخصيتهم ، والمرأة المقاومة ترتديه للابتعاد عن خطر معرفة هويتها من قبل الاحتلال ، والمتسولة ترتديه تحاشيا لنظرة المجتمع والمحيط المزدرية للتسول، فالفيلم ربط تكميم الافواه وكبت الحريات، من خلال المرأة المنقبة وعرض عدة صور للحياة في غزة ، الانفاق والتسول الذي يعكس الواقع الاقتصادي”.
أما وعن فيلم أبيض وأسود فـأضاف أنه يستعرض تاريخ الرياضة النسوية ولكن لم يستخدم الامكانيات الفنية في التنقل بين الفترات الزمنية المختلفة، ولا يتناسب وواقع الرياضة النسوية اليوم.
في حين فاعتبر آخر ان مخرجة فيلم كمكمة كانت موفقة في عرضها واختيارها للفكرة مخالفاً للمخرجة في فكرة ان غزة لا يوجد بها نساء يحملن السلاح وبالتالي هو يستبعد ان تعكس صورة المرأة المسلحة واقع غزي، وهو ما اعتبره ثغرة في الفيلم، ولكن فيما عدا ذلك فان تغطية الوجه قد تكون بسبب التدين او التسول او حتى القيام بأعمال غير مشروعة ويهدف لإخفاء الشخصية الحقيقية خوفاً من المجتمع او الاحتلال أو القانون.
وانتقد قائلاً: ” ان الافلام في مجملها تركز على المرأة فقط، ولا تعرض افلام لمخرجين وتقتصر الافلام على مخرجات نساء”، مطالبا مؤسسة شاشات بمحاولة الدمج في العروض المقبلة بين مخرجين ومخرجات، وطالب بمحاولة استقطاب مخرجات ومخرجين أكثر وعياً بقضايا المجتمع ويملكون الادوات التي تساعد على إخراج أفلام تحمل رسالة ومضمون مميز.
ورأت مشاركة خلال العرض ان فيلم كمكمة عكس واقع معين بأن كل شيء في غزة يتم في الخفاء وتحت ستار كما يعكس حالة كبت الحريات، التي اثرت على تصرفات المواطن الذي يتخفى تحت اقنعة مختلفة، فالمقاومة تخفي نفسها لأنها تقاوم، كما يتخفى عامل الانفاق لأنه عمل غير مشروع، وتتخفى المتسولة التي تمر بظروف سيئة ومذلة.
في حين رأت أُخرى ان الفيلم عكس واقع قطاع غزة ككل من خلال الصور الصامتة ولم يقتصر على المرأة فقط، معتقدة ان مخرجة الفيلم ارادت ان تتحدث عن واقعنا الذي نشبه فيه الشيء المحبوس داخل “مرتبان” بلا حريات أو حقوق، هذا هو مفهوم كمكمة كما وصلني من دقائق الفيلم.
وأوصى الحضور في نهاية النقاش بضرورة فتح المجال لتبادل الخبرات في صنع أفلام وثائقية تحاكي معاناة القدس وغزة والضفة الغربية، وابراز قصص وثائقية ناجحة للاستفادة منها، وابراز الحداثة على الأفلام في ظل اختلاف التوقيت والزمن بما يتناسب مع الأحداث التي تجري الآن، كما أوصوا بتشجيع الخريجين والاعلاميين على انتاج وإخراج أفلام قصيرة ذات محتوى شيق مثير يجذب المشاهدين دون ارهاقهم للاستفادة من التجارب والعبر.