التصنيف: التحقيقات

التحقيقات الاستقصائي الحر ملتقى

ملتقى الرواد الاستقصائي الحر ضمن “مبادرة استقصائيين ضد الفساد “

ولكن الذي ينفذه ملتقى إعلاميات الجنوب بالشراكة والتعاون مع الائتلاف

من أجل النزاهة والمساءلة “أمان”. نفذه ملتقى إعلاميات الجنوب بالتعاون

والشراكة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان ولكن.

  • شامبوهات ومرطبات نسائية.. أفخاخ لمريضات بالسرطان على معبر رفح!

    شامبوهات ومرطبات نسائية.. أفخاخ لمريضات بالسرطان على معبر رفح!

    شامبوهات ومرطبات نسائية سرطان

    تحقيق – محمود هنية

    لجأت “ياسمين” – اسم مستعار- 32 عامًا إلى إحدى المجموعات المتخصصة بأخبار معبر رفح عبر الفيس بوك،

    للبحث عن شخص يساعدها في دفع رسوم المخالفة لإقامتها في مصر.

    ياسمين التي ترافق والدتها المسنّة المصابة بمرض السرطان، اضطرت لفعل ذلك بحثا عن المساعدة،

    لإمكانية العودة للقطاع بعد رحلة علاج قاسية لوالدتها.

    سريعا وصل الرد لياسمين من شخصية في الجروب، قررت مساعدتها عبر إبلاغها أن شخصا ما سيتواصل معها،

    “أين انت سيأتيك الشخص في المكان التي تتواجدين فيه ومعه المبلغ”.

    3 آلاف جنيه أو ما يعادل مئتي دولار، المبلغ المطلوب لدفعه للسلطات المصرية تجاه مخالفة الإقامة،

    مبلغ ارتفع بعد سنوات إذ كان سابقا 120 جنيها تقريبا.

    انتظرت ياسمين وصول الشخص في الفندق التي تقيم به في مدينة العريش، لتتفاجأ عند وصوله بأن المبلغ دين وعليها

    رده عند وصولها للقطاع، لم يكن أمام الفتاة سوى الموافقة أو البقاء في الحجز عند الجانب المصري من المعبر.

    “حسنا موافقة” أشكرك سأرده لك فور عودتي إلى القطاع، هكذا ردت عليه، غير أن صدمتها كانت كبيرة حين استوقفها بسؤاله،

    “ما الضامن أن تردّي المال؟”، ماذا؟ “سأرده فور عودتي”، أجابته ياسمين، “كلا أريد ضمانًا”، كان ذلك رد الأخير عليها.

    هنا توقفت عقارب الساعة لدى ياسمين عند سماعها لهذا الكلام، وبدأت رحلة المساومة، “الفلوس مقابل صورة شخصية

    يمكن إعادتها فور استلامي للفلوس”، رضخت أخيرا ودموع الحسرة تنهمر على وجنتيها، “مضطرة سأعطيك إياها”.

                                                                       رحلة المساومة

    رحلة المساومة، لم تنته هنا، فالصورة التي حصل عليها لم تكن كافية لضمان حقه كما تقول ياسمين،

    “أريد منك خدمة أوصلي بعضا من هذه الشامبوهات والكريمات لشخص قريب سيوصلها لعائلتي!، عذرا سأزعجك!”

    لا شيء يثير الريبة والشك، فالشامبوهات والكريمات محكمة الإغلاق تماما، “حسنا سآخذها وأوصلها”، تبعا لياسمين.

    استلمت الفتاة الشامبوهات وحصلت على رقم التواصل مع الطرف الآخر الذي سينتظرها في غزة، وبدأت بجمع أغراضها من

    الفندق للعودة إلى القطاع.

    اصطحبت والدتها المريضة إلى الصالة المصرية من المعبر، “الحمد لله ع سلامتك يا حجة”، الله يسلمك يما

    ” إن شاء الله رجعتي بالسلامة وأمورك تمام”، “الحمد لله يما والله مهدودة من الكيماوي”، هذا نصّ حوار جرى بين الأم الستينية

    والضابط المصري الذي خبرها عن ظهر قلب نتيجة سفرها المتكرر لمصر بغية تلقي العلاج وهي وطفليها المصابين بالسرطان كذلك.

    لحظات حتى وجدت الأم وابنتها ياسمين محاطين بعدد من الضباط وعناصر الشرطة، “ماذا يحصل؟، سألت ياسمين، فرد الضابط بسؤال

    “ماذا يوجد داخل الشامبوهات؟ مكملا: “هناك حبوب اترمادول”.

    هنا صعقت الوالدة وابنتها عند سماعهم حديث الضابط المصري، لتجد نفسها منهارة من الدموع والقهر أمام خداع تعرضت له

    من الشخص المعني، لتبدأ هنا رحلة الاعتقال للفتاة وأمها”.

    شامبوهات ومرطبات نسائية سرطان

                                                                     للضرورة أحكام

    ما حصل مع والدة ياسمين، هي قصة من 14 حادثة جرى رصدها من طرف الأجهزة المعنية مؤخرا، لسيدات مريضات،

    جرى استغلالهن من طرف تجار مخدرات على شاكلة هذا المتهم.

    ومن بين السيدات اللواتي جرى اعتقالهن مريضات بالسرطان وغسيل الكلى، وبعضهن تعرض لضرب مبرح داخل السجون المصرية

    على يد النزيلات، ويعشن ظروفا إنسانية قاهرة، تبعا لما نقلته مصادر عائلية لمعدّ التحقيق.

    وتضطر المئات من السيدات المريضات والمرضى الفلسطينيين في قطاع غزة لتحمل معاناة السفر للأراضي المصرية،

    بحثا عن العلاج بعدما أوصد الاحتلال حاجز إيرز أمام أعداد كبيرة منهم، بذريعة المنع الأمني لهم أو لمرافقيهم.

    تبعا للأعداد التي حصل عليها معدّ التحقيق فإن 120 حالة تسجل شهريا لعدد المصابين بالسرطان بغزة.

    ويصل عدد المصابين بالمرض في القطاع إلى قرابة 9.600 شخص مسجلين حتى العام 2018.

    الدكتور محمد سرور ممثلا عن جمعية بسمة أمل لمرضى السرطان، يؤكد أن 60%

    من المرضى يتم رفض طلباتهم من الجانب الإسرائيلي للعلاج في مستشفيات الضفة والقدس والداخل المحتل.

    بسمة أمل: 60% من المرضى ممنوعون من العلاج بمستشفيات الداخل ويضطرون للعلاج بمصر

     

    وسجلت عديد الحوادث التي منع الاحتلال بموجبها مرافقة الأهل لأطفال صغار مصابين بمرض السرطان.

    وذكر سرور أن عملية المنع تجبر المرضى للتوجه إلى المستشفيات المصرية، مؤكدًا أن الوصول إليها يكبّد المريض

    معاناة طائلة تستهدف حياته من خلال تأخره عن تناول العلاج في موعده وآثار ذلك النفسية عليه ما يبطئ من عملية استشفائه”.

    ويؤكد مدير دائرة التنسيق والارتباط بغزة رفعت محيسن، أن أعداد الممنوعين من العلاج للضفة تزداد بين الفترة والأخرى،

    تحت ذرائع أمنية واهية لا معنى لها.

    وذكر محيسن أنّ عملية المنع تجري غالبا للمريض أو مرافقيه، لا سيما وأن هناك خصوصية للمريض تستدعي وجود مرافق معه لمساعدته.

    وأوضح أن مدة الرد الإسرائيلي على تصاريح المرضى باتت تطول؛ بسبب قرار الأخير برفع سن من يخضعون للفحص الأمني

    من (16 حتى 35 عاما) إلى (16 حتى 55 عامًا).

    وانخفضت نسبة الموافقات الإسرائيلية من (50-60%) منذ العام 2017، ضمن سياسة إسرائيلية جديدة ضد أهالي قطاع غزة،

    ضحيتها المرضى، تبعا لمحيسن.

    شامبوهات ومرطبات نسائية سرطان

                                                                       نافذة للاستغلال

    ويضطر بموجب هذا المنع، المرضى للتوجه إلى المستشفيات المصرية وتحديدا المستشفيات الثلاثة المتعاقد معها من الجانب الفلسطيني.

    ويحتاج المريض مبالغ مالية مضاعفة للوصول إلى الجانب المصري، تكلفه لشخصه فقط لمدة أسبوع ما متوسطه 500 دولار،

    يضاف إليها تكلفة الشخص المرافق.

    وعملت السلطات المصرية على رفع سعر الإقامة في بعض الفنادق وما تسمى بـضريبة “المتأخرين”،

    فيما يضطر عدد من هؤلاء المرضى لدفعها نتيجة تأخرهم في مغادرة البلاد.

    وبناء عليه، فإن المسافر المتأخر أمام خيارين إما دفع ضريبة التأخير التي تقدر بمئتي دولار تقريبا، أو البقاء

    داخل صالة المعبر المصرية محجوزا، الى حين إيجاد من يدفع عنه.

    ويستغل المحتالون، وفق الجهات المعنية، هذه الصالة وما قبلها المستشفيات التي يتواجد فيها المرضى،

    وخداعهم عبر دفعهم لحمل هذه المواد.

    السفارة الفلسطينية في القاهرة، أكدّت أن من أخطر المعضلات التي نواجهها حمل المريض لأعداد كبيرة

    من المسكنات والمرور عبر الحواجز المصرية المنتشرة خلال الطريق لرفح.

    وطبقا لمصدر مهم في السفارة أكدّ لمعدّ التحقيق أنه لا يكاد يخلو يوم من تدخل السفارة في الإفراج

    عن بعض هؤلاء المرضى وخاصة الجرحى منهم، بعد إلقاء القبض عليهم نتيجة حصولهم على أعداد كبيرة

    من العقاقير الطبية المخدرة مثل “الاترمال”.

    وتطلب السفارة من المرضى الانتباه لخطورة هذه القضية المدانة وفق القوانين المصرية.

    ولم يخف المختص الأمني مهدي حسنين، وقوف جهات مختلفة خلف عملية الابتزاز التي تتمثل بأشكال مختلفة وأحد

    أهم أشكالها الاستغلال المالي من طرف الشخص المبتز، منبها إلى خطورة استغلال هذه الحالة من طرف مخابرات الاحتلال.

                                                           شبهات وطرق للابتزاز

    مجددا وعلى النافذة ذاتها عبر الفيس بوك، رصد معدّ التحقيق، منشورات عبر جروب متعلق بأخبار معبر رفح،

    لأشخاص يسألون عن أفراد يرغبون العودة إلى القطاع لاستلام أغراض وتسليمها إلى عوائلهم، وفقا لزعمهم.

    اضطر صاحب الجروب حذف هذه المنشورات بطلب أمني فلسطيني، بعد التأكيد على وجود شبهات خداع بعض الأشخاص

    لنقل الأغراض الملغمة بمواد مخدرة، وفقا للمصادر الأمنية.

    كما حصل معد التحقيق على مجموعة من الرسائل المكتوبة والصوتية، التي يقر فيها الشخص المتهم

    بتسليمه أغراضا لإحدى السيدات في داخلها مخدرات.

    طلب المتهم وفق الرسائل، من المرأة إنكار ملكية المواد لها، في محاولة مكشوفة للتنصل من دوره،

    انتهى الأمر بتهديد المرأة حال أفصحت عنه وعن اسمه.

    لكنّ السؤال الأهم يدور حول طبيعة هؤلاء الأشخاص، وكيف تجري عملية الابتزاز والخداع للمرضى.

    طبقا لمصادر أمنية في غزة، فإن بعض الأشخاص يترددون على المستشفيات والمعاهد التي يتعالج فيها بعض المرضى،

    تحت ذريعة محاولة مساعدتهم وخاصة النسوة المصابات بمرض السرطان.

    ويبدأ الشخص بتقديم طرح المساعدة البسيطة للمرضى المخالفين في الإقامة أو المحتاجين لمبلغ بسيط من المال،

    لقاء أن يحمل بعض الأغراض ونقلها لأشخاص ينتظرون في الجانب الفلسطيني من المعبر.

    مدير الدائرة القانونية في مكافحة المخدرات النقيب حسن السويركي، أوضح أنّ عملية التهريب تجري بطرق مختلفة من بينها مواد الغذاء،

    “وصل إلى حد دسها في علب الشكولاتة والجبن وغيرها”.

    وينبه السويركي المرضى الذين يحملون في العادة أدوية مصنفة ضمن المواد المخدرة إلى ضرورة اصطحاب روشتة طبية،

    لكنّ الأخطر من ذلك أنّ من يجري اعتقاله ويضبط بحوزته مخدرات ولم يتم التعرف على صاحب المادة فإنه يكون المسؤول أمام القانون عنها.

    ويوضح السويركي أنّ عملية الاستجواب والإجراءات الرسمية التي تثبت ملكية الشخص للمواد من عدمها، تحتاج لفترة زمنية ليست بالقصيرة،

    وهي معاناة كبيرة على عاتقه، “والحل ألا يحمل مواد أخرى لغيره”.

                                          شامبوهات ومرطبات نسائية سرطان            

                                                   العجز القانوني والشرطي

    حتى لحظة إعداد التحقيق والمعلومات التي حصل عليها المعدّ، فإنّه لم تقدم أي شكوى لدى الجهات الحقوقية المعنية،

    باستثناء بعض المحاولات من السفارة وبعض الجهات المعنية بالعمل للمساعدة في الإفراج عن بعض السيدات،

    لكنّ السؤال الأهم: لماذا لم تتمكن الجهات المعنية من ملاحقة هؤلاء الأشخاص المتهمين رغم معرفة أسمائهم؟

    تشير مصادر أمنية في غزة أنه طلب تسليم بعض الأسماء المشبوهة، فيما جرى اعتقال بعض المشتبه فيهم في المكان.

    أحمد أبو زهري الباحث في الشؤون السياسية والقانونية، أكدّ أن الإشكالية بأن هؤلاء الأشخاص يمارسون أنشطتهم غير المشروعة أثناء وجودهم في الأراضي المصرية وهذا يثير إشكالية عدم اختصاصنا في تحريك الدعوى كون الجريمة وقعت خارج القطاع حتى لو أضرت بمواطنين من غزة”.

    شامبوهات ومرطبات نسائية سرطان

    جهات أمنية فلسطينية: 14 سيدة جرى اعتقالهن على هذه الخلفية منذ الثالث من يونيو الماضي

    في الجانب الآخر إذا ما ثبت أن هؤلاء مارسوا بعض هذه الأنشطة داخل القطاع، أو حتى حال ضبط المرضى

    داخل المعبر الفلسطيني وهم ينقلون المواد دون علم وقد غرر بهم، وحاولت الأجهزة المختصة البحث عنهم

    وتنامى إلى علمها أنهم غادروا بعد فعلتهم متوجهين للأراضي المصرية فهنا تظهر صعوبات أخرى في إمكانية إحضار

    هؤلاء بالطرق الرسمية لمحاكمتهم في غزة، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة وظروف الانقسام وغياب التنسيق الشرطي

    وخصوصا بين إدارة الإنتربول في غزة ونظيرتها في مصر، تبعا لأبو زهري.

    وأوضح أبو زهري “أن هذا يعطي فرصة لهؤلاء المجرمين للاستمرار في هذه الممارسات غير المشروعة مستغلين

    الظروف الاستثنائية القائمة في غزة، وفى ظل غياب أي دور للسلطة الفلسطينية ونخص هنا السفارة الفلسطينية،

    وحتى إدارة الإنتربول في رام الله التي لديها ارتباطات وأعمال مشتركة مع العديد من الدول بما فيها مصر”.

    وحاول معد التحقيق التواصل مع رئيس جهاز الشرطة الفلسطينية في رام الله حازم عطا الله غير انه لم يتلق ردا.

    فيما رفض السفير الفلسطيني في القاهرة التعليق على الحدث نظرا لما تضمنه من خصوصيات،

    مشيرا إلى أنّ هذه القضايا تتابع من طرف الأجهزة الأمنية في المعبر.

    أما هيئة مكافحة المخدرات في غزة،

    فعملت على توجيه تحذيرات للمسافرين بشكل عام والمرضى بشكل خاص،

    من حمل أي أمتعة أو حقائب من الجانب المصري من أشخاص غير معروفين، بداعي تمريرها ونقلها لأشخاص من الجانب الفلسطيني.

    وشددت الهيئة على هذه التوجيهات بعد الحادثة الأولى لاعتقال سيدة على الخلفية ذاتها في الثالث من شهر يونيو الماضي، تبعا لمصادر أمنية.

    من جهته، أوضح أشرف أبو سيدو مدير الشؤون القانونية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة،

    أن العديد من هذه الحقائب كانت عبارة عن أشياء ملغمة بالمواد المخدرة.

    وسرد قصة لنقل بدلة عروس من الجانب المصري، من طرف امرأة طلب منها شخص ما لنقلها للعروس على الجانب الفلسطيني من المعبر،

    وكانت ملغمة بحبوب الاترمادول.

     

    دائرة المخدرات:

    مجرمون يخدعون مريضات لتوريد مواد مخدرة من مصر

    ونصح أبو سيدو المواطنين الابتعاد عن حمل أمتعة غير المعروفين والثقات بدرجة كبيرة، مع ضرورة التدقيق فيها بكل الأحوال.

    إحدى السيدات من مريضات السرطان، وقعن ضحية لأحد هؤلاء “الذئاب البشرية” وصفته بـ”الكافر” بعد تعرضها لعملية الخداع وحبسها في ظروف مأساوية رغم حالتها الصحية المأساوية.

    وعلم معد التحقيق أن هناك توجها لإنشاء عيادة متخصصة بعلاج مرضى السرطان ستقام بجوار المستشفى الدولي على جانب معبر إيرز.

    https://alresalah.ps/p/204037

    شامبوهات ومرطبات نسائية.. أفخاخ لمريضات بالسرطان على معبر رفح!

  • في غزة العسل مغشوش والمستهلك ضحية جشع التجار والنحالين

    تحقيق: مريم الملاحي وهبة الشريف

    جذب إعلان ممول على صفحات موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيس بوك”، يدعى بتوفر عسل نحل نقي 100%، المواطنة أم محمد عرفات، التي سارعت بالضغط على رابط الإعلان، للحصول على مزيد من التفاصيل.

    ووفق عرفات كل ما كتب في الإعلان كان جذاباً، من حيث إدعاء فحص العسل في مختبرات موثوقة، وثبوت جودته، وما يوفره من فوائد صحية لمستهلكيه، ما دفعها لتدوين عنوان المحل، والتوجه فوراً إليه وشراء كيلو جرام مقابل 70 شيكل.

    وقالت عرفات، بدا العسل جيداً من حيث الشكل والمذاق، لكن إلحاح صاحب المحل بأن لا تضع العسل في الثلاجة أثار شكوكها، ففعلت عكس ما طلبه، وبعد يومين أخرجته لتناول ملعقة منه، فاكتشفت تشكل حبيبات داخله، وفقد العسل ليونته، وتغير مذاقه كلياً، حينها سارعت بالاتصال على شقيقها، الذي يمتلك بعض الخبرة في مجال العسل، وأخبرته بما حدث، فأبلغها بأنه عسل مغشوش، وظاهرة تشكل الحبيبات ناجمة إما عن إطعام النحل سكر مذاب في الماء، أو أن العسل نفسه عبارة عن سكر مطهو على النار، يتم خلطه ببعض كميات العسل النقي.

    ووفق استطلاع رأي أجرته معدتا التحقيق، اتضح أن عرفات لم تكن وحدها التي تعرضت للغش بعد شرائها كمية من العسل، إذ أكد عشرة أشخاص من أصل 15 شملهم الاستطلاع، أنهم تعرضوا للغش بعد شراء عسل كتبت عليه عبارة “نقي100%”، في حين أشار ثمانية أشخاص إلى أن تعفن ورائحة غير محببة صدرت من العسل بعد تخزينه لأسابيع، بينما أكد 10 من المستطلعين، أن العسل تحول إلى حبيبات وفقد ليونته، وتغير مذاقه.

    عسل مغشوش

    ويؤكد مدير قسم المختبرات في وزارة الاقتصاد الوطني بقطاع غزة، زياد أبو شقرة، أن معظم العسل المعروض في الأسواق مغشوش، ففي العام الماضي “2017”، رسبت 70%، من عينات العسل التي وردت للوزارة بهدف فحصها.

    وأوضح أبو شقرة أن سبب رسوب العينات يعود لارتفاع نسبة السكر في العسل عن الحد المسموح به، وهنا اختلفت العينات مع المواصفة الفلسطينية، التي توصي بأن لا تتجاوز النسبة 5%، لكننا وجدناها تخطت 10% وهذا يدل على أن أصحاب المناحل يقومون بإطعام النحل سكر بسبب قلة حبوب اللقاح  والأزهار، خاصة أشجار الكافور أو “الكينيا”، التي كانت تتواجد على طريق صلاح الدين وسط قطاع غزة، وتم اقتلاعها مؤخراً لتوسيع الطرق، حيث كان يعتمد عليها النحل في غذائه وإنتاج العسل، فلجأ المزارعين إلى إطعام النحل كميات من السكر المصنع، حتى تعطي الخلايا الإنتاج التي كانت تعطيها خلال السنوات الماضية.

    وهو ما أكده مربي النحل محمد موسى، معتبراً أن الأزهار الموجودة في قطاع غزة لا تكفي لإنتاج كميات العسل التي يعلن عن إنتاجها كل عام، فكان النحالون يضعون الخلايا قرب الحدود المصرية جنوب القطاع، وقرب خط التحديد شرقاً، حتى يذهب النحل إلى مزارع خارج القطاع، ويتغذى على رحيق الأزهار، ويعود بعسل جيد، لكن تجريف الأشجار في مدينة رفح المصرية حرم النحل من مراعي هامة، إضافة إلى أن دخان “الكاوتشوك”، تسبب في تلوث البيئة شرق القطاع، ونفوق عدد كبير من النحل.

    طرق غش مبتكرة

    وأوضح موسى أن مربي النحل باتوا يلجأون لوضع السكر المذاب في الماء للنحل، لتعويض النقص، علما بأن هذا الطعام ضروري للنحل في بعض الأوقات من العام، حين يكون الزهر شحيحاً، لكن هذا السلوك تحول إلى أمر اعتيادي، والأسوأ أن بعض النحالين يقوموا بخلط ما يحصلوا عليه من عسل مغشوش من المناحل، بكميات من السكر المصنع “دبس أبيض”، فيصبح الغش مركباً.

    وينص البند رقم 6 من المادة رقم 3 من الفصل الثاني لقانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لسنة 2005 على ما يلي: ” ضرورة الحصول على المعلومات الصحيحة التي يشتريها أو يستخدمها المستهلك”.

    وأضاف أبو شقرة أن عمليات وطرق غش العسل كثيرة ومتنوعة، فهناك طريقة تسخين العسل بدرجة الغليان قبل إنضاجه، وذلك عبر تبخير الرطوبة الزائدة وإضافة حبوب اللقاح بمعدل من 1500 حبة إلى حوالي 5000 حبة لقاح في الجرام الواحد، وكذلك إضافة الأنزيمات (البكتيريا النافعة) الضرورية للنحل والإنسان، بعد امتصاص الرحيق من الأزهار أو امتصاص الندوة العسلية عن بعض الأشجار، وفي هذه الحالة يكون العسل غير جاهز للقطف لاحتوائه على نسبة عالية من الرطوبة وقد تصل 18%.

    أما الطريقة الثانية بحسب أبو شقرة تتمثل بغلي السكر مع الماء وإضافة بعض النباتات والأعشاب الملونة مثل الشاي، أو غلي المحلول السكري مع شمع النحل، وإضافة بعض المقطرات كماء الزهر وماء الورد، لغشّ المستهلك بالطعم والرائحة، ومزج القليل من العسل العالي الجودة مع المحاليل السكرية بنسبة 10% لإعطاء المحلول بعضاً من طعم العسل، ومن ثم غليها جميعاً لتصبح لزجة القوام، فالغلي يساعد على عدم فصل العسل عن المحلول السكري، لأن جميع الأنزيمات والفيتامينات المفيدة تكون قد ماتت.

    وبحسب أبو شقرة هناك طريقة ثالثة  لغش العسل بالماء، عن طريق إضافة الماء للعسل الطبيعي، ثم يسخن ويحرك ليدخل الماء في تركيبته وقوامه، ويقوم النحال  بإلقاء بعض من أعضاء النحلة في العسل ليوهم المشتري أنه طبيعي 100%، وهذه الطريقة يمكن الكشف عليها بالنظر، لأن العسل يصبح قوامه أقل لزوجة، وإذا وضعت نقطة عسل على ورقة يلاحظ أن الورق قد امتص الماء، موضحاً أن هناك طرق أخرى كثيرة للغش.

    متابعة الأسواق

    بينما تؤكد مدير مديرية الاقتصاد الوطني في محافظة خان يونس، رباب عاشور، أن متابعة العسل يقع تحت عاتق وزارتين، فمرحلة الإنتاج ومتابعة أمراض النحل ومشاكله، تكون برعاية وزارة الزراعة، أما التسويق والعرض في الأسواق، فهو من مسؤوليات وزارة الاقتصاد الوطني.

    وأكدت عاشور أن أولى مراحل متابعة بيع العسل في الأسواق، يتم من خلال دائرة حماية المستهلك في الوزارة، التي تطالب التاجر ببطاقة بيان المنتج، التي تظهر تركيبته الحقيقية وشرح استخدامه، ومدون عليها تاريخ الإنتاج والصلاحية، وأي سلعة تعرض في الأسواق بدون بطاقة بيان يحرر لها محضر ضبط، ويتم مصادرة السلعة.

    وبينت عاشور أن جميع المنتجات بما فيها العسل يجب أن تكون مطابقة لمعايير مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية (PSI) ومن ضمن المواصفات التي تضعها الوزارة لصالحة العسل: (وجود تاريخ انتهاء لمدة “خمسة سنوات” ووزن العينة، واسم المنتج وبطاقة البيان، التي مفترض أن تكون باللغة العربية).

    وتنص المادة 12 من الفصل الرابع من قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لسنة 2005 على: ” يجب أن تندرج على بطاقة البيان باللغة العربية المعلومات التي تعتمدها مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية، تبعاً لطبيعة كل سلعة ووفقاً لخصائصها”.

    وأكدت أن الوزارة تطلب من التجار بعد إجراء الفحوصات اللازمة، تصنيف العسل إلى درجة أولي وثانية، موضحة أنه تم مصادرة وإتلاف كميات كبيرة من العسل “مجهول المصدر”، العام الماضي، كان يفتقد لبطاقة بيان المنتج.

    وأكدت عاشور أنه في حال تم ضبط حالة من حالات (غش أو الخداع واحتكار واستغلال) في المنتج يتم إجراء مخالفة فورية، والتحفظ على الكمية، ومن ثم يتحول المحضر إلى دائرة الضبط القانوني في وزارة الاقتصاد، ثم  يحال إلى النيابة العامة، وهناك تحدد العقوبة وفق القانون، ووفق درجة المخالفة.

    تاجر ضحية وآخر غشاش

    أحد تجار وباعة العسل ويدعى “م-ح”، رفض ذكر اسمه، أكد أن التاجر نفسه قد يكون ضحية لغش النحال، الذي يبيعه عسل يدعي أنه طبيعي وغير مغشوش،  فبعضهم يقوموا بتغذية النحل على محاليل سكرية بديلة عن رحيق الأزهار، أو من خلال إضافة محاليل سكرية كالسكروز إلى العسل الطبيعي، بصورة تجعل كشف الغش فيه صعبا جداً على التجار والمستهلكين، إلا بإجراء فحص في مختبرات متطورة.

    أما المستوى الثاني فيتمثل بالغش التجاري، وهو قيام التاجر نفسه بالغش، وهذه المرحلة تتم بعد الفحص، اذ يجلب التاجر الكميات، ويعيد خلطها بنسب من السكر المصنع، أو محاليل سكرية كمحلول الغلوكوز والسكروز، وإضافة منكهات وملونات قد تكون غير غذائية وتلحق ضرراً كبيراً بصحة المستهلك، وهنا تكون المهمة صعبة على المستهلك، والكشف عن الغش يكون صعب جداً.

    فحوصات خادعة

    وأوضح أبو شقرة أن هناك فحوصات روتينية تجرى على منتج العسل بشكل مستمر، وتشمل (نسبة الرطوبة ونسبة الرماد، السكر المحول، نسبة الهيدروكسي، ميثايل فورفورال، السكروز، ودرجة الحموضة)  كل الفحوصات متوفرة  لدى جهات الوزارة ما عدا فحص “الفصل الطبقي”، وهذا الجهاز يقوم بفحص تركيبة العسل ويحدد كم ونوع السكر الموجود بالعسل، وبالعادة تجرى هذه الفحوصات على العينات التي يتم إدخالها عبر المعابر أو المتواجد بالأسواق من إنتاج القطاع.

    في حين يؤكد مدير الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة طاهر أبو حمد أن الوزارة ماضية باتجاه إقامة مختبر تحليل مادة العسل، لكي يتم التأكد من جودتها دون الاستعانة بمختبرات أخرى خارجية.

    وأضاف أبو شقرة  أن فحوصات التجار في مختبر الجامعة الإسلامية لا نأخذ بها لأن مختبر الجامعة الإسلامية لا يعتبر من مختبرات الأغذية المعتمدة، فما يحدث هناك من فحص للعسل كعملية فحص نسبة السكر في الدم في المراكز والمختبرات، أما مختبرات جامعة الأزهر فهي مختبرات أغذية مختصة بفحص عينات العسل بشكل كامل، ويتم توجيه التجار إلى مختبر جامعة الأزهر في حال احتاجت الوزارة لذلك.

    انتشار الغش

    في حين يرى النحال ناهض عطايا من مدينة رفح، أن أي قطعة شمع بالعسل لم تسلم من الغش بمكوناتها، وخاصة بعد أن أصبح التجار والمربين خبراء بامتياز في ابتكار طرق وفنون الغش بطريقة تصعب كشفها، موضحاً أن بعد وزارة الزراعة  وعدم تواجدها خلال موسم العسل إلا مرة واحدة يشجع على ذلك، وهذا يضمن للنحالين توسيع نطاق عملية غش وتكبير هوامش ربحهم ليكون المواطن الضحية في كل مرة.

    ووفق احصائية حصلت عليها معدتا التحقيق من وزارة الزراعة، فهناك (300) نحال في قطاع غزة ينتجون العسل، ويملكون (16 ألف خلية)، تنتج ما أجماله 180 طن سنويا، وقد حدث تراجع كبير في استهلاك العسل؛ نتيجة لركود الأوضاع الاقتصادية، ويتم استيراد كميات أخرى من الخارج، حيث كان يصل استهلاك القطاع من العسل سابقا 500 طن سنوياً.

    موسمان للعسل

    إنتاج العسل في قطاع غزة يعتمد على موسمين أساسيين، الأول يبدأ مطلع شهر نيسان، والثاني يبدأ مع نهاية الموسم الربيعي في فصل الصيف، لكن موسم الربيع أفضل جودة وإنتاجاً من موسم الصيف، وهو الموسم الذي يعتمد عليه النحّالون بشكل أساسي، حيث توجد في شهر نيسان زهور لنباتات طبيعية يتغذى عليها النحل، بينما موسم الصيف يتغذى النحل غالبا على السكر؛ الأمر الذي يؤثر على جودته.

    ولحماية المنتج المحلي يمنع الاستيراد معظم فترات العام، بينما يسمح باستيراد العسل في موسم الشتاء فقط، ما بعد شهر تشرين الأول/ أكتوبر، ويباع الكيلوجرام الواحد من العسل بنوعيه المحلي والمستورد من 50-80 شيكل.

    وأكد المهندس  إيهاب طه المختص بمتابعة المناحل وإنتاج العسل في وزارة الزراعة، أن دور وزارة الزراعة يكمن في تثقيف وتقديم الإرشاد إلى المزارعين وكيفية تعاملهم مع العسل، إضافة إلى علاج موحد لمكافحة “أمراض فروة النحل”.

    وأشار طه إلى أن عملية تسخين العسل حالة عادية إذا استخدمت بشكل صحيح، ثقافة الناس لا تتقبل العسل الجامد أو “المتبلور” ويعتقدون أنه مغشوش وهذا الاعتقاد غير صحيح و خاطئ، مضيفا أن عملية إطعام النحل كمية من السكر هو أمر طبيعي فالنحالين في غزة لا يلجئون  لهذه العملية لأنها تعتبر عبء مالي على المزارع.

    وأكد طه على أن المختبرات الرقابية في الوزارة تقوم بإجراء الفحوصات الأساسية على العسل ويتم تدخل من الوزارة، في حال تقديم شكوى على مزارع.

    وينص البند الثاني من المادة رقم 8 من الفصل الرابع لقانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لسنة 2005 على ما يلي: ” يحظر الاحتفاظ في مواقع الإنتاج أو المصنع أو التخزين .. السلع المغشوشة أو الفاسدة أو غير مطابقة للمواصفات المعتمدة”.

    رقابة شكلية

    وتحدث عماد غزال مدير الجمعية التعاونية لمربي العسل في قطاع غزة، عن مهام جمعيته، موضحاً أنها تحاول مساعدة النحالين بتوفير بعض المستلزمات والأدوات، ورفع مشاكل الأعضاء للجهات المختصة، وأيضاً من المهام الأساسية لديها فحص عينات من العسل خارج القطاع للتأكد من جودة وسلامة العسل، وذلك لعدم توفر الأجهزة الخاصة في القطاع، والمناسبة للفحص إذا كان العسل طبيعي أم تعرض للغش.

    وأكد غزال أن الجمعية تعنى أيضاً بالعسل المستورد، مبيناً انه تم أخذ أكثر من عينة من عسل زهرة “المورينجا”، المستورد التي تم إدخال حوالي 10 طن منه قبل أكثر من عام، وفحصت عن طريق تنسيق من وزارة الزراعة إلى الضفة الغربية، وتم إرسال العينة إلى جامعة بيرزيت لفحصه، وتبين أنه عسل مصنع ولا يمت للعسل بصلة، وتبين من خلال التحليل أن نسبة مادة (الهيدروكسي نساي فور فورال) عالية جداً تفوق المعدل الطبيعي ثلاثة أضعاف، وقدمت نتائج الفحوصات لوزارة الزراعة الفلسطينية، ووزارة الاقتصاد الوطني، وتم التأكد من الفحص الذي قمنا به عن طريقهم وتم إتلاف الكمية.

    تجارب حية

    وسرد المواطن أشرف سليم، ما حدث معه من تجربة مع أحد النحالين، موضحاً أنه تصادف مروره من أمام منحلة وقت قطاف العسل، فتوجه وسأل النحال عن سعر الكيلو جرام، فأخبره بأن ثمن كيلو العسل 60 شيكل، فطلب أن يشتري كيلو عسل مع الشمع من المنحلة التي تقع في حقل زيتون كبير، لكن النحال رفض، وأخبره أن البيع فقط في المنزل، وإذا رغب بالشراء عليه أن يحضر غداً، وأعطاه العنوان.

    لكن سليم حاول إغراء النحال برفع تدريجي للمبلغ، حتى أوصله إلى 150 شيكل لثمن الكيلو جرام الواحد من العسل الخام، غير أن المربي رفض، وأصر على أن البيع يتم في اليوم التالي ومن المنزل، وقد تساءل سليم عن سبب الرفض، وماذا ينوي النحال فعله في المنزل بالعسل الذي استخرجه لتوه من الخلايا؟.

    طرق شعبية لكشف الغش

    وأوضح سليم أن التجربة التي تعرض لها جعلته يبحث باستفاضة عن العسل وطرق غشه، وكيف يمكن اكتشافها، حتى توصل لطريقتين شعبيتين سهلتين لاكتشاف مدى غش العسل، ناصحاً المواطنين باستخدامهما، والطريقة الأولى تتلخص بغمس عود الثقاب في العسل، ثم محاولة إشعاله عن طريق حكه في علبة الكبريت، فإذا اشتعل عود الثقاب دل ذلك على أنه لم يبتل، وأن العسل طبيعي، أما إذا لم يشتعل دل ذلك على أن العسل رديء ومغشوش بمحلول مائي سكري.

    أما الطريقة الثانية  تتمثل في وضع قطرة من العسل على ورقة تشريح أو ورقة نشاف أو منديل ورق، أو أي سطح قابل لتشرب الماء، فإذا بقيت قطرة العسل مكورة ولم ينتج عنها أي تشرب لسطح الورقة بالماء، دل ذلك على أن العسل طبيعي وغير مغشوش، أما إذا أصحبت قطرة العسل منبسطة وظهر تشرب لسطح الورقة بالماء حول قطرة العسل، دل ذلك على أن العسل رديء ومغشوش بمحلول ماء سكري.

    بينما نصح المواطن خالد جمعة المواطنين بطريقة فحص سريعة يمكن إجرائها في المحل للكشف عن جودة العسل قبل شرائه، عبر أخذ كمية من العسل بواسطة الملعقة وملاحظة مدة انسيابه، فكلما استمر العسل في الانسياب لمدة طويلة دون انقطاع دل ذلك على جودة عسل النحل، أما إذا انقطع الانسياب بسرعة دل ذلك على أن العسل مغشوش، والأساس العلمي لذلك هو أن انسياب العسل لمدة طويلة دون انقطاع دليل على عدم تعرض العسل لعملية التسخين التي تفقده الكثير من خصائصه الحيوية، كدواء وغذاء فيه شفاء للناس، نتيجة لتأثير التسخين سلبياً على محتوى العسل من الأنزيمات والهرمونات والمضادات الحيوية والفيتامينات والأحماض الأمينية والأحماض العضوية.

  • مضاعفات أثناء الولادة لم يتم السيطرة عليها وأدّت للوفاة

    عيادات توليد تعمل خارج الرقابة وطبيب: ولّدت بكرية بالأمس!
    دائرة التراخيص: جميع العيادات باستثناء “واحدة” غير مرخصة للتوليد
    الصحة: غالبية المراكز تفتقر لمعايير الامان لكنّها أفضل من الدول المجاورة
    د.مهدي: نتعامل مع الحالات الآمنة وتحدث حالات طارئة نحولها سريعا
    ضحية: إدارة المستشفى طلبت مني جلب وحدات دم من مستشفى آخر ثم توفيت زوجتي
    جميع المراكز لا يوجد فيها بنك دم وغالبيتها تفتقر لجهاز التنفس الاصطناعي
    وحدة التراخيص: المراكز الخاصة تحوّل الحالات الخطرة “وبطلع حاله منها”
    مستشفى السلام: أغلقنا مركزنا لأننا غير مستعدين لنخسر طفلا ولعدم توفر كامل الامكانيات
    طبيب: المستشفيات الحكومية على علّتها أفضل مكان للولادة لتوفر كامل الامكانيات
    تحقيق- محمود هنية
    لم يتخيل الشاب محمد عابد تحول لحظات انتظاره لمولوده الثاني، إلى كابوس يلاحقه حتى النهاية، بعدما فقد زوجته إثر مضاعفات عقب عملية الولادة، رغم اختياره مستشفى خاصة؛ لضمان توفير بيئة آمنة لولادة زوجته، وتجنبًا لحالة الاهمال التي يتوقع وجودها في المستشفيات الحكومية العامة.
    الشاب عابد الذي تحتفظ ذاكرته بتفاصيل حادثة وفاة زوجته “سماهر الشوا”، رغم مرور عامين عليها، لم يدر في خلده أن عنايته الفائقة في اختيار المكان الخاص لميلاد زوجته، سيتسبب بفقدانها، نتيجة غياب أدنى معايير السلامة واهمها، ولا سيما بنك الدم الذي احتاجت اليه زوجته التي اصيبت بنزيف حاد بعد عملية الولادة.
    يقول عابد إنّ خطأ طبيًا تعرضت له زوجته بعد نزفها، الطبيب الخاص أعطى زوجته حقنة مسيلة للدم، وكانت تحتاج لجرعات كبيرة من الدم، عوضا عن تلك التي تنزفها، لكنّه تفاجأ بعدم وجود وحدات دم في المستشفى – التي يتحفظ معد التحقيق عن ذكر اسمها- وطلبت منه الادارة ان يتوجه الى مستشفى الشفاء لجلب وحدات من الدم!.
    “ذهبت بناء على طلبهم بصحبة اسعاف، وكانت زوجتي تحتاج لـ24 وحدة دم، وبعد مرور 4 ساعات جرى تحويلها الى مستشفى الشفاء، حيث كانت بوضع حرج للغاية”.
    “العمر الك وعظم الله اجرك”، هكذا كان رد ادارة المستشفى بعد وفاة زوجته ببضع ساعات من وصولها الى الشفاء، “فقد وصلت في حالة حرجة للغاية وانتهى كل شيء”.
    ياسمين ليست الحالة الوحيدة التي توفيت لذات السبب في مراكز التوليد الخاصة، فقد لقيت زوجة الدكتور حازم فحجان من مدينة رفح ذات المصير، في أحد المستشفيات الاهلية الخاصة، بعد اصابتها بنزيف حاد حصل معها “نتيجة سوء تقدير”، وفق توصيف الأطباء له.
    احتاجت زوجته العديد من وحدات الدم، التي لم تتوفر في المركز فاضطر للتوجه لمستشفى الاوروبي من أجل الحصول عليها، كما يقول للرسالة.
    حياة تنتهي بـ”عظم الله اجركم وصبركم الله”، مع وعود بالتحقيق مع اطباء علم “فريق التحقيق” أنّ بعضهم عاد للعمل بعد ذلك، هكذا انتهت القصة وبكل بساطة!.
    اكتفى فريق التحقيق من توثيقه لحالات الوفاة نتيجة اهمال او افتقار مراكز التوليد الخاصة لمعايير السلامة والأمان، ليست هي الوحيدة فثمة حالات أخرى لقيت حتفها نتيجة لذلك، كما أنّ هناك العديد من الحالات التي تعرضت لذات المضاعفات، لكنه جرى السيطرة عليها وانقاذها من الوفاة.

    اختلال معايير الأمان
    خلال اعداد التحقيق وفي العاشر من اكتوبر الجاري توفيت السيدة نازك اليازجي من سكان مدينة غزة، أثناء الولادة في مستشفى الخدمة العامة بمدينة غزة.
    وأعلنت وزارة الصحة بغزة، في بيان مقتضب، تشكيل لجنة مختصة للتحقيق في ملابسات وفاة سيدة خلال الولادة في احدى المستشفيات الأهلية.
    ويتواجد في قطاع غزة 30 مؤسسة صحية 13 منها تتبع لوزارة الصحة، و14 لمؤسسات غير حكومية، و3 تابعة لوزارة الداخلية.
    وبحسب تقرير صادر عن وزارة الصحة عام 2015، يوجد مستشفيان حكوميان للولادة في غزة، ويجري حاليا اعادة تأهيل مستشفى الولادة بمجمع الشفاء، ويتضح ضمن المرفقات قائمة للمستشفيات والمراكز الصحية بالقطاع.
    وطبقا لذات التقرير الصادر عن الوزارة، فإنها تقر بأن عمليات العناية الفائقة لا تتم في أي مركز خاص، نظرًا لكلفتها العالية ولقلة الكوادر الطبية المتخصصة.
    تقارير وزارة الصحة وتحديدًا الصادر عن العام الماضي، بيّنت أنّ 73.8% من حالات الولادة في مستشفيات الوزارة، و22.1% تمت في المستشفيات غير الحكومية و2% بالمستشفيات العسكرية، و1.2 % لدى طبيب خاص، حيث ارجع التقرير نسبة الارتفاع في التوجه للولادة بمستشفيات الوزارة لمدى وعي المواطنين بالإمكانيات والخدمة التي تقدمها الوزارة.
    افتقار مراكز التوليد الخاصة لبنك الدم ليس معيار الأمن الوحيد التي تفتقر إليه، ففي خضم رحلة التحقيق، تبيّن أن هذه المراكز بمجملها تفتقر الى وجود حاضنات، بل وبعضها يفتقر الى مراكز مبيت، كما أنها تفتقر الى طبيب اطفال لفحص المواليد، بينما يغادر الطبيب في بعضها خلال فترة المبيت، ويتم التعامل معه الى حين الاستدعاء فقط! كما أن بعض هذه المراكز يفتقر الى بيئة تدفئة خاصة، وغالبيتها تفتقر إلى جهاز التنفس الصناعي (Ventilator).
    الأكثر خطورة من ذلك هو توليد أطباء في عياداتهم الخاصة، بدون الحصول على ترخيص من الوزارة، وتجري إحدى هذه العيادات عملية الولادة في “حواصل” تفتقر لوجود كل هذه الاجهزة، كما كشف فريق التحقيق عن طبيب “ص.أ” حيث يجري عمليات ولادة بدون ترخيص!.
    أمّا مراكز التوليد الخاصة في مجملها تفتقر كذلك للعناية المكثفة، والاجهزة الخاصة بالأطفال الخدج، كما أن انه لا يوجد أي قسم خاص لاستقبال الاطفال، باستثناء أحد المراكز الذي يحتوي على قسم الرعاية الاولية لكنه يفتقر لقسم مبيت وغير مجهز لاستقبال الاطفال.
    يشار الى انه قد سجلت حالة وفاة لسيدة قضت اختناقًا اثناء عملية الولادة، حيث لم يتسنّ انقاذها لعدم وجود جهاز تنفس صناعي، كما أن فريق التحقيق علم ان الطبيب في بعض العيادات الخاصة يعمل بدون مساعد خلال عملية التوليد، حيث يشرف بنفسه على عملية التوليد كاملة، دون مراعاة شروط الأمان في حال حصل أي طارئ للطفل او والدته.

    عيادات غير مرخصة
    فريق الاعداد تقمصّ دور ذوي امرأة تريد الولادة، واجرى اتصالا على أحد مسؤولي العيادات الخاصة التي تعمل بدون ترخيص في احد حواصل منزلها، فأعطى الموافقة على اجراء عملية الولادة، مؤكدا انه اجرى اكثر من عملية ولادة بكرية”، ويحتفظ فريق التحقيق بتسجيل صوتي للمحادثة.
    صاحب العيادة رفض الحديث عن المبلغ المالي المطلوب مقابل عمله، لكنه قال انه سيقوم بالتوليد في مركزه، رغم أنه يفتقر لمعايير السلامة، ويتواجد في حواصل منزله!.
    فريق التحقيق واجه صاحب المركز الذي اكتفى بالقول إنه يعاين الحالة قبل عملية الولادة.
    “توليد العيادات الخاصة امر غير قانوني؛ لأنها غير مؤهلة اصلا”، كان ذلك رد وزارة الصحة عندما سألها فريق التحقيق عن افتقار العيادات الخاصة لمعايير السلامة، وأقرّت كذلك بوجود قصور في هذه المعايير لدى المراكز العامة للتوليد!.
    استشاري وزارة الصحة لحضانات قطاع غزة د. علام أبو حامدة، أقرّ في حديثه للرسالة، أن مراكز التوليد الخاصة في معظمها لا يوجد فيها حاضنات، كما لا يوجد مبيت في غالبيتها، “ومستشفى القدس هو الوحيد الذي يتوفر لديه حاضنات للمبيت وتفتقر لمعايير متقدمة، وكل المراكز بصفة عامة لا يوجد فيها حاضنات”.
    وذكر أبو حامدة أنّ مراكز التوليد الخاصة يمنع عليها استقبال حالات الاطفال الخدج، وتحاول قدر المستطاع التعامل مع الحالات الآمنة والاطفال مكتملي النمو، وفي حال حصل أي طارئ يتم التنسيق مع المستشفيات الحكومية ونقل الحالة اليها”.
    كما أنه أقر أن هذه المراكز تفتقر لبنك الدم، “رغم أنه يجب أن تحتوي على كميات من وحدات الدم التي تمكنها من التعامل مع الحالات الطارئة”، وهي عمليا تتنافى مع شهادة زوج المتوفية ياسمين الذي طلبت منه إدارة أحد المستشفيات الخاصة التوجه لمستشفى الشفاء من اجل جلب وحدات دم للتعامل مع زوجته التي احتاجت لـ24 وحدة!.
    وأكدّ أبو حامدة ان هذه الكميات من وحدات الدم تحتاج لتحويل سريع للمستشفى، “ويقينا لا تستطيع المستشفى الخاصة التعامل مع هكذا حالات ويجب تحويلها”، وهو عمليا ايضا لم يحدث مع حالة ياسمين التي تأخرت عملية تحويلها لعدد من الساعات.
    وأشار إلى ان هذه المراكز تفتقر ايضا الى العناية الفائقة للطفل، موضحًا أن عملية ترخيص المراكز يتطلب وجود “سماعة وسرير استقبال ومكانا للتدفئة وادوات الانعاش للطفل وانبوب التنفس الصناعي والقسطرة الوريدية والصدرية، وهي مجرد اسعافات اولية”.
    وارجع عدم توفر هذه الامكانات لظروف الحصار الذي “سبب بقصور شديد في توفيرها.
    أما عن نقل الحالات الحرجة من المركز للمستشفى، فأقرّ ايضا أن عملية النقل في بعض الاحيان لا تتناسب مع كثير من الحالات، “لكنها ظروف قاسية تحكم طبيعة العمل، ونتطلع للأفضل في خطط التطوير”، مجددًا دعوته كل المستشفيات لضبط معايير الامان لاستقبال المرضى.
    أما عن توفر اطباء الاطفال، فذكر أن هذه المسألة قد تشرف عليها القابلة، “وهناك اطباء مخصصون للتعامل مع الحالات الطارئة ويجري استدعاؤهم وقت الحاجة”!، مع “تأكيدنا على ضرورة ان يكون هناك طبيب اطفال”.
    مع ذلك، يرى أن ما تقدمه هذه المراكز في ضوء المعطيات أفضل بكثير من نظيراتها في دول مجاورة.

    العيادات غير مؤهلة
    وعلى صعيد العيادات الخاصة، قال مدير وحدة الإجازة والتراخيص في وزارة الصحة د. طه الشنطي، أنه لا توجد أي عيادة خاصة مرخصة للتوليد باستثناء مركز واحد.
    وذكر الشنطي أنه لا يجوز لأي عيادة خاصة اجراء عمليات ولادة باستثناء حالات “الولادة الآمنة الأضطرارية”، وذلك خلافًا للعيادة التي كشفها فريق التحقيق والتي تعمل خلافا للقانون.
    وذكر أن هذه العيادات غير مؤهلة اساسًا لإجراء عمليات ولادة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بعض المراكز الكبيرة تفتقر لحضانة وتكتفي بوجود حاضنة متنقلة.
    ولفت إلى أن اصحاب العيادات التي تجري عمليات توليد تعمل خلافا للقانون، كما ذكر أن بعض اصحاب المراكز يتجهون لإرسال الحالات الى المستشفى في حال حدوث أي مضاعفات، “برميها وبريح راسه، وبطلع حاله منها”.
    وفيما يتعلق بافتقار بعض المراكز العامة لبنك الدم، ذكر أنها تحتوي على ثلاجة للدم تضم حوالي 3 وحدات على الاقل، ولديها تعاون مع جمعية بنك الدم، مشيرا الى ان الحالات التي توفيت نتيجة النزيف وعجز المراكز عن توفير الدم لها “روايات تحتاج لتحقيق وتدقيق”.
    وبيّن أن العيادات الخاصة لا يوجد بينها وبين جمعية بنك الدم أي اتفاق؛ لأنها اساسًا غير مؤهلة.

    خطورة كبيرة
    الطبيب والاستشاري صلاح الرنتيسي، نائب رئيس مجلس ادارة مستشفى دار السلام بخانيونس، أقفل قسم الولادة في المستشفى، رغم أنه مهيأ بكثير من الادوات كما قال؛ “لكن عدم توفر حضانة وبنك دم وجهاز التنفس، وعدم وجود طبيب حضانة للتعامل مع الخدج، كل ذلك سيدفعني لتحويلها الى المستشفيات الكبرى”، متابعًا: “مش مستعد يصاب أي طفل او امرأة بمكروه في مستشفى انا مسؤول فيها لا توفر الامكانات الكاملة لهم”.
    وأضاف الرنتيسي: “وجود ثلاجة دم في المركز ليست كافية فقد يحدث نزيف كبير او انفجار في الرحم، وهذه لو حدثت تسبب بكوارث تحتاج للكثير من كميات وحدات الدم”.
    وتابع: “الولادة يجب أن تكون في مستشفى حكومي لتوفر كافة الامتيازات فيه، قد يشتكي البعض من اهمال او قلة نظافة، لكنه يملك الامكانيات كاملة وعند حدوث أي مكروه يتواجد العديد من الطواقم التي تستطيع التعامل مع الحالة”.
    وردًا على سؤال حول تذرع بعض اصحاب المراكز بتحويل الحالة الى المستشفى في حال حدوث أي طارئ، أجاب: “إذا ما حصل أي مضاعفات للحالة داخل المستشفى بالكاد يتم السيطرة عليها، فكيف بحالة بعيدة ويراد تحويلها؟”
    وختم بالقول: “لا يجوز أن نتحمل مسؤولية طفل لو نقص الاكسجين عليه أن يعيش في حالة اعاقة مستديمة لثلاثة عقود من عمره!”.

    لا يتوفر امكانات
    أخصائي نساء وولادة الدكتور باسل مهدي من مركز “مهدي” أكدّ أن غالبية المراكز لا يتوفر فيها تلك الحواضن الثابتة واجهزة التنفس الصناعية، لكنها تسعى لتوفير ابسط الادوات الكافية للتعامل مع الحالات الطارئة.
    وقال مهدي إنّ مستشفى الشفاء تتوافر فيه كل الامكانيات، لكن الاماكن الخاصة تسعى بالقدر المتاح تقليل المشاكل، وتنتقي الحالات، حيث “تستثني المريضات بفقر الدم والاطفال الخدج والمصابات بالأمراض المزمنة”.
    حديث مهدي لا ينطبق على المراكز كافة، حيث أنّ بعض المراكز اجرت عمليات لنسوة مصابات بمرض ضغط الدم.
    وأقرّ مهدي أن حدوث الطوارئ والمضاعفات أمر وارد، وسجل في القطاع حدوث وفيات نتيجة لذلك، “لكن يتم الحصول على بعض الادوات والامكانيات التي تساعد بالسيطرة على الحالة حتى يتم نقلها الى المستشفى الحكومي”.

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • تصنيع المنظفات في المنازل رقابة ضعيفة وإضرار بالمُصنع والمستهلك

    تحقيق- محمد الجمل

    تغص الأسواق الشعبية المنتشرة في كافة أنحاء قطاع غزة، بمئات العبوات البلاستيكية ذات الأحجام المختلفة، الممتلئة بسائل تنظيف لزج، ألونه متعددة، ولاستخدامات متنوعة، يتراوح ثمن العبوة الواحدة سعة “1 لتر” ما بين 1-12 شيكل، حسب نوعها واستخداماتها.

    واللافت أن العبواتِ المذكورةِ ومحتواها مصنّعٌ محلياً، تخلو من أيةِ كتاباتٍ على الغلاف تحدد جهةَ التصنيعِ أو التركيبةِ، أو حتى تاريخ الصلاحية، أو إرشادات الاستخدام، لكن ورغم ذلك تجد هذه العبوات إقبالاً ويشتريها المواطنون بكثرة، لرخصِ أسعارها مقارنةً بالعبوات المنتجة من خلال مصانعٍ مرخصة، أو المستوردة من خارج القطاع، بل ويصر مواطنون على شرائها نظراً لفعاليتها العالية في التنظيف كما يقولون، متجاهلين الآثار الخطيرة الناجمة عن استخدامها.

    سائل تنظيف رخيص

    وينتشر في الشوارع والأسواق الشعبية العشرات من باعة المنظفات المصنعة محليا، اذ يقول أحدُهم ويَدُعى عمر نصر، وكان يبيع في سوق الأربعاء الأسبوعية بمحافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، إنه يشتري العبوات المذكورة من مواطن يصنعها في بيته، وهناك خمس أصناف منها، صابون لجلي الأواني، ويباع اللتر الواحد منه مقابل 2 شيكلاً، وكذلك صابون غسيل الملابس للغسالات الاوتوماتيك، تباع العبوة سعة لتر منه ب 12 شيكل، وهو أغلاها ثمناً، وصابون مسح الأرضيات “البلاط والكراميكا”، والعبوة سعة لتر تباع مقابل 1 شيكل، ومعطر للملابس والأرضيات، موضحاً أن بعض المصنعين يصنعون شامبو ويضعونه في عبوات تحمل أسماء وماركات عالمية، ويباع بأسعار أقل.

    وهو ما أكده أحد باعة الشامبو ومساحيق التجميل في سوق رفح الأسبوعية، إذ أكد أن هناك مصانع غير مرخصة، تزوّر وتزيفُ شامبو ومستحضرات تجميل تصنع في منازل ومصانع غير مرخصة، وتُوضعُ في عبوات تحمل أسماء وشعارات ماركات عالمية، موضحاً أن معظم ما هو معروض في الأسواق من أصنافٍ مقلد ومزيف.

    مصانع منزلية

    وبعد البحث وسؤال الباعة، اتضح لمعد التحقيق انتشار عشرات المصانع والمعامل المنزلية متعددة الأحجام والقدرات، تقوم بتصنيع مواد التنظيف بعد شراء المواد الخام التي تدخل في عملية التصنيع وأبرزها مادة “إيتا” واسمها العلمي Ethanolamine وهي المادة الفعالة وتدخل في تصنيع كافة مواد التنظيف، إضافة لمادة تسمى “لبص”، وأصباغٍ، وروائحٍ، ومواد حافظة، إضافة إلى ملح الطعام، وهو عنصر ضروري في الصناعة.

    وتقول المواطنة أم أحمد سالم، وتصنع نوعين من مواد التنظيف “سائل غسيل أطباق، وسائل غسيل ملابس”، إنها خضعت لدورة تصنيع يعطيها مختص، وبعد أسبوعين أصبح لديها معرفة بطرق تصنيع وتركيب مجموعة من المواد الكيميائية، التي ينتج عنها صابون أو سائل تنظيف ذو فعالية جيدة.

    وأكدت سالم أن البداية كانت محدودة، تصنع لاستخدامها المنزلي فقط، وهذا كان هدفها من الدورة، ثم تدرج الأمر وأصبحت تصنع لجاراتها وقريباتها دون مقابل، فقط تأخذ ثمن المواد الخام، ثم بدأت بتحويل الأمر لمصدر رزق، إذ تصنع كمية من المنظفات، وتبيعها لمن يطلبها.

    وشددت سالم على أن التصنيع أمر مرهق ويحوي بعض المضار الصحية، فبعض أنواع المنظفات تحتاج لتحريك محتواها السائل باستمرار لمدةٍ لا تقل عن ساعتين، بحيث تضاف المواد الخام بصورة متتابعة، وعند إضافة بعض المواد خاصة “إيتا” والمواد الحافظة، تُشتمُ رائجة كريهة، ويحدثُ سخونةً للسائل نتيجة التفاعل، وهذا ينتج عنه تهيج جلدي خاصة في الوجه، يتبعه احمرار حول العينين، ما يضطرها لغسل وجهها بالماء البارد النظيف عدة مرات.

    وهو ما أكده الدكتور إبراهيم منصور، أخصائي الأمراض الجلدية والتناسلية، إذ صنف الأضرار الناجمة عن التصنيع الخطأ للمنظفات إلى نوعين، الأول تحسس جلدي لدى بعض الناس ممن لديهم حساسية لأحد المركبات، وتزيد هذه الحساسية مع زيادة تركيز المركب، بينما النوع الآخر وهو الأخطر ويتمثل في حدوث تحسس جلدي لدى كل من يلامس السائل المصنع الذي يحتوي على نسب خاطئة في المركبات، وهذا يصيب المصنع والمستهلك على حد سواء.

    وأكد أن الأضرار التحسسية تنقسم إلى نوعين أيضاً، بعضها آني يحدث عن ملامسة السائل، والأخرى قد تظهر بعد فترة، ناهيك عن الأضرار التي قد يتعرض لها الشخص من خلال استنشاق بعض الروائح الناتجة عن تفاعل المواد مع بعضها، خاصة في حال الإخلال بالتركيب، أو زيادة التركيز على النسب المسموحة، وهي أضرار صحية أكبر وأخطر من التحسس، كالتأثير على الجهاز التنفسي.

    ونصح الدكتور منصور بعدم التصنيع دون معرفة تامة بتركيبة المواد والنسب، كذلك استخدام قفازات جلدية، ووضع واقي على الوجه، ناصحاً المستهلكين بتجنب شراء المنظفات العشوائية مجهولة المصدر والتركيب.

    لكن المصنعة سالم أشارت إلى أنها تنبهت للأمر، وبدأت تتخذ بعض الإجراءات الاحترازية، منها ارتداء قفازات جلدية، ووضع كمامة، والابتعاد عن مكان التصنيع لمدة تزيد على 15 دقيقة عند وضع الايتا، والمواد الحافظة ومادة “اللبص” فوق المكونات، حتى تخف وتهدأ التفاعلات، والابتعاد عن بعض المواد التي توضع في الماء لساعات.

    وعمليات التصنيع تلك تعتبر مخالفة للقوانين الفلسطينية، اذ تنص المادة 2 من الفصل الأـول من قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لعام 2005 على ” وجوب حماية وضمان حقوق المستهلك بما يكفل له عدم التعرض لأية مخاطر صحية أو غبن أو خسائر اقتصادية” .

    مواد خطرة

    من جانبه قال رئيس قسم الكيمياء بالجامعة الإسلامية د.رامي مرجان، إن الخطورة الحقيقة في صناعة مواد التنظيف تكمن في غياب المفهوم العلمي، فيقوم المصنعون بخلط المواد مع بعضها البعض وتخرج لهم مادة تنظف ولها رائحة وصبغة وقد تؤدي الغرض، لكنها بعيدة تماماً عن المعايير الصحيحة.

    وأضاف بأنه في صناعة مواد التنظيف بنسبة 95% عند خلط المواد لا يحدث تفاعلات كيميائية بالمعنى المتعارف، وتتم العملية بأن تفقد كل مادة بعضاً من خواصها لصالح الأخرى.

    وعن أخطر المكونات التي تُستخدمُ في العملية أوضح مرجان أنَّ حمضَ الهيدروكليك، وهيدروكسيد الصوديوم، وحمض السلفونيك، والكلور، بالإضافة إلى الأصباغ التي تضاف بنسب عالية وهي الأخطر على صحة الإنسان، حيث تسبب مشاكل تنعكس على المُصنّعِ والمُستخدم على حدٍ سواء.

    وبيّن مرجان، أنَّ صناعةَ موادِ التنظيفِ تتمُ وفق حسابات في استخدام المركبات الكيميائية، مشيراً إلى أن زيادة المواد الحمضية قد تصيب الشخص بأمراض جلدية خطيرة.

    وأردف أنَّ هناك مشاكل صحية منها ما يظهر بشكل مباشر مثل التقشر والتقرحات في الجلد، وأخرى بعيدة المدى تؤثر على الجهاز التنفسي، والجهاز العصبي، وتتسبب بأمراض الصدر، مشيراً أن ما يزيد الأمر سوءاً هو تصنيع هذه المواد في أماكن مغلقة لا يوجد فيها تهوية.

    والإضرار بالمستهلكين يخالف نص البند رقم 1 من المادة 3 من الفصل الثاني من قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم 21 لعام 2005 الذي ينص على: “يتمتع المستهلك بالحقوق الآتية: الحفاظ على صحته وسلامته عند استعماله للسلعة أو الخدمة من حيث الجودة والنوعية”.

    وعند سؤاله عن الدورات المحلية التي تعطى لبعض السيدات، وهل هي كافية بحمايتهن وتعليمهن، أجاب مرجان أن المؤسسة التي تقوم بإعطاء الدورات تكون متخصصة، وتعطي الأمور بشكل علمي جيد، لكن الخلل في التطبيق، فلا يلتزم المتدرب بالمعايير عند صناعته مواد التنظيف، التي تصبح فيما بعد باباً لرزقه ورزق عائلته، والالتزام بالمعايير الجيدة العلمية التي يراها مكلفة بالنسبة له، ومن هنا تبدأ العشوائية في التطبيق.

    وعبّر مرجان عن اعتقاده بانتشار وتنامي الظاهرة، حتى أصبح انتشار تصنيع مواد التنظيف أكبر من أن يتابع من قبل وزارة الاقتصاد، بسبب الظروف السياسية القائمة في قطاع غزة، ولا يُوجدُ موظفين بعدد كافي في الوزارة للقيام بدور الرقابة والمتابعة، بالإضافة أن هذا مشروع مربح وسهل بإمكان أي شخص القيام به.

    وأكدَّ أنَّ أصحاب المصانع والمعامل في غزة يجهلون الآثار المترتبة على استخدام هذه المواد، ولا يعرفون أسمائها، بل يعتمدون على تركيبات وطرق موجودة على بعض صفحات الانترنت.

    وأوصى مرجان بأن تبذل الجهات المختصة جهوداً أكبر في زيادة الوعي والمتابعة والرقابة، لما لهذا الأمر من تأثير كبير على المجتمع والاقتصاد الذي تأثر سلباً بسبب فقدان الثقة في المُنتجُ المحلي.

    وتنص المادة رقم 7 من الفصل الرابع من قانون حماية المستهلك الفلسطيني، على ما يلي” يجب أن يكون المنتج مطابقاً للتعليمات الفنية الإلزامية، من حيث بيان طبيعة المنتجات ونوعها ومواصفاتها الجوهرية ومكوناتها، ويخضع لذلك أيضاً عمليات التعبئة والتغليف، التي تشمل عناصر التعريف بالمنتج والاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال، والمصدر والمنشأ وتاريخ الصنع، وتاريخ انتهاء الصلاحية، وكذلك طريقة الاستخدام، مع مراعاة ما تنص عليه القوانين والأنظمة والقرارات ذات العلاقة، وخصوصاً المتعلق منها بسلامة البيئة”.

    متابعة محدودة

    وبدا واضحاً أن متابعة وزارة الاقتصاد الوطني للمصانع والمعامل المنزلية غير المرخصة محدودة، رغم الجهود التي تبذلها الوزارة في هذا الإطار، اذ يقول محمد العبادلة مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الوطني بقطاع غزة، إن تصنيع أي سلعة غذائية أو استهلاكية بدون علم وزارة الاقتصاد، وبدون أخذ التراخيص اللازمة أمر مخالف للقانون، ويعرض صاحبه للمسؤولية.

    وأوضح أن وزارة الاقتصاد ودائرة حماية المستهلك تحظر وتمنع تصنيع مواد التنظيف في مصانع أو معامل غير مرخصة أو في منازل، لما لذلك من أضرار صحية خطيرة على المُصنّعِ والمُستهلك، فالمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الصابون وغيرها من مواد التنظيف هي في مجملها مواد خطيرة، في حال وضعت بنسبٍ غير صحيحة، تعرض المصنع للخطر، ووصلت الوزارة شكاوى حول إصابات في الجلد، وتساقط في الشعر بسبب عمليات تصنيع غير صحيحة لمواد التنظيف.

    وأكد العبادلة أن مُصّنعِي ومسوقيْ مواد التنظيف التي تصنع في البيوت أو في مصانع سرية، يعلمون أن ما يقومون به مخالف للقانون، لذلك يعمدون إلى تسويق إنتاجهم في فترات ما بعد انتهاء دوام الوزارة، إما في الشوارع عبر عربات كارو، أو أمام مساجد، أو في أسواقٍ شعبية، لكن الوزارة تنبهت لهذا العمل، وبدأت بملاحقة هؤلاء الباعة والمصنعين، وضبط ما يبيعونه.

    وأكد أن الإجراء المتخذ من قبل الوزارة في حال ضبطت كميات مصنعة بدون ترخيص، تتلخص في ضبط ومصادرة الكمية، وكتابة تعهد من قبل المصنع أو البائع بالتوقف عن ممارسة هذا النشاط غير المرخص، وإذا رغب الشخص في التصنيع فالوزارة تساعده وتسهل عليه الأمر، فبعد تقديم الطلب يتم إخضاعه لدورات متخصصة في التصنيع السليم، وتعريفه بدور كل مادة، وخطورتها، وخصائص التفاعلات بين المواد، بعد ذلك يمنح ترخيص ويفتح مصنع، ويمنح فترة سماح من الضريبة لمدة ستة أشهر، وبعد انتهاء هذه الفترة يصبح مخير إما الاستمرار في هذا النشاط ودفع الالتزامات المالية والضرائب، أو وقف التصنيع في حال اكتشف أن الأمر غير مجدي.

    وقال العبادلة: المهم أن يتم العمل والتصنيع تحت إشراف ومراقبة مفتشي الوزارة، حتى نتأكد أنَّ العمليةَ تتمُ بطريقةٍ علميةً سليمةً تحفظُ حياة المستهلك والمُصنّع، وتكون المواد المباعة مطابقةً للمواصفات الفلسطينية.

    وأوضح أن الوزارة تواجه مشكلة في التعامل مع تصنيع مواد التنظيف في البيوت، فبعض ربات البيوت يصنعن المواد لاستخدامهن في المنزل، وهذا أمر خطير، وهناك بعض المواطنين يحولون منازلهم لمصانع، لكن كي تتحرك الوزارة قانونياً يجب أن يكون هناك شكاوى من المواطنين، بوجود مصنع غير مرخص داخل منزل، حينها يمكن التحرك لإغلاقه، ومنع التصنيع بداخله.

    إقبال كبير

    وتقول المواطنة منى بشير، واشترت عبوتين لغسل الأطباق والأواني من أحد الباعة بسوق رفح، إنها تشتري المنظفات المصنعة محلياً منذ أكثر من عام ونصف، فهي أرخص في السعر وأفضل من المستوردة من حيث النتائج، موضحة أن ثمة عبوة سائل الجلي المستوردة سعة 700 مليلتر ب أربعة شواكل، في حين نظيرتها المصنعة محلياً سعة لتر واحد 2 شيكل.

    وأكدت بشير أنها تشتري المنظفات من باعةٍ متجولين، أو من الأسواق الشعبية، وقد قاطعت منذ مدة شراء مساحيق الغسيل التقليدية مرتفعة الثمن، وباتت تشتري صابون غسيل سائل، فهو أفضل للملابس وللغسالة، ويوفر 60% من الأموال في حال تم شراء المسحوق المستورد.

    بينما يقول المواطن أيمن عابد، أنه يشتري لزوجته مواد التنظيف من الباعة المتجولين، لكنه اكتشفت أمراً غريباً، أن صابون التنظيف سواء المستخدم في جلي الأواني أو غسل الملابس يختلف من بائعٍ لآخر وحتى من عبوةٍ لعبوةٍ، ويبدو أن المصنعين يتلاعبون عن قصد أو عن غير علم بالمواد الفعالة التي تدخل في عملية التنظيف.

    وأشار إلى أن بعض المواد خاصة التي تلامس اليد مثل سائل الجلي تكون مركزة أكثر من اللازم، وبعد الانتهاء من الجلي تلاحظ زوجته حدوث احمرار وتشقق في يديها وأحيانا يحدث طفح جلدي، وفي بعض الأحيان يكون التركيز قليل أو شبه معدوم، فتلاحظ أن الصابون لا يسهم في تنظيف الأواني بشكل جيد.

    وأكد أن زوجته باتت تستخدم قفازات يد جلدية لتتجنب ملامسة مواد التنظيف ليديها، وتتمنى لو فُرضتْ رقابة على المصنعين المحليين، ليتم ضبط الأمور وتجنب التصنيع العشوائي وغير المراقب.

    ويؤكد مدير دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد محمد العبادلة أن وزارته ماضية في تثقيف المستهلكين والمواطنين، عبر إعطائهم دورات أو توزيع منشورات، ليصبح كل مواطن مفتش تموين، فعدد مفتشي الوزارة في قطاع غزة 35 وهذا غير كافي للسيطرة على الأسواق والمصانع، لذلك هناك سياسة تنتهجها الوزارة وتمضي فيها، ما يساهم في حفظ سلامة كل مواطن، فعندما يجد المواطن أي مخالفةٍ، أو يعلم أن جاره أو قريبه يُصنّع مواد تنظيف بدون ترخيص، أو هناك بائع يبيع مواد تنظيف مصنعة منزليا، يتصل بهواتف الوزارة لإخبارهم، فهذا يكون في صالح المصنع والمستهلك في آن واحد.

    مواد خام متوفرة

    أما المواطن أحمد جمعة، فأكد أنه يشتري المواد الخام المستخدمة في عملية التصنيع من مواطنة تتجول على المنازل، وتبيعها للراغبين في التصنيع، كما انها تُباع في محالٍ بشكل علني، وهو يقوم بتصنيع مواد التنظيف بأصنافها المختلفة منذ مدة، لكنه لا يبيعها، فالتصنيع مقتصر على الاستخدام المنزلي له ولأشقائه وأقربائه، وقد ابتكر طرق لتسهيل عملية التصنيع، كتحريك المكونات بواسطة آلة مثقاب “مقدح” صمم لها أداة تحريك معدنية على شكل حرف “T”، باللغة الانجليزية ليساعده في سرعة تقليب وتحريك المكونات، والحصول على اللزوجة المطلوبة.

    مصانع تزور الماركات

    وحول المواطن أيمن خالد، ورفض ذكر اسمه كاملاً، عربة الكارو التي يمتلكها إلى متجر متنقل لبيع جميع أنواع المنظفات، الموضوعة في عبوات بلاستيكية بدون أي كتابات، وأخرى تحمل أسماء ماركات معروفة.

    وأقر خالد بأن كل ما يحمله عبارة عن منظفات من تصنيع محلي، حتى تلك المعبأة في عبوات ومغلفات تحمل اسم شركات عالمية، معللاً ذلك بأن بعض الزبائن يصرون على شراء نوعٍ محدد من المنظفات، لذلك يحاول كما يقول إرضائهم، فيضع لهم ما يصنعه في عبوة تحمل اسم شركة.

    ورغم معرفته بأن ما يفعله يعرضه لمسائلة، إلا أن خالد أكد أن ضيق الحال وانعدام فرص العمل يدفعه لفعل ذلك من أجل كسب المال.

    وأوضح أنه يعمل في منزله بشكل سري، ويجلب المكونات والمواد الخام من أحد التجار، ويصنع المواد، ويضعها في عبوات، وبعض ما صنعه يبيعه لفتية يعرضونه في الأسواق، وجزء يحمله هو على عربة الكارو ويتجول به في الأحياء السكنية، مستخدما مكبر صوت للفت انتباه ربات البيوت، واللواتي يرسلن أبنائهن للشراء.

    ورغم تعرضه في إحدى المرات لإجراءات بعد ضبط الكمية التي يبيعها من قبل مفتشي تموين، إلا أن خالد لا ينوي التوقف عن التصنيع والبيع طالما لا يتوفر لديه مصدر رزق آخر.

    ووثق معد التحقيق قيام أساتذة جامعات متخصصين في الكيمياء، باستغلال إقبال الناس على التصنيع، والإعلان عن عقد دورات لتصنيع المنظفات، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 400 شيكل للدورة الواحدة، رغم أن هذا الإجراء يعد مخالف للقانون، خاصة أن مثل هذه الدورات لا بد أن تعقد بإشراف ومتابعة الجهات الحكومية المعنية، التي لا تسمح بتصنيع مواد التنظيف دون أخذ تراخيص مناسبة، ومتابعة من قبلها.

    أضرار اقتصادية

    ويرى الخبير الاقتصادي د. معين رجب أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، أن المنظفات تعتبر من السلع الضرورية التي يحتاج لها المنزل بشكل يومي، ويقبل عليها المستخدم بشكلٍ كبير، لذلك من المفترض أن تكون خاضعة لجميع الإجراءات الواجب الالتزام بها من قبل دائرة المتابعة والرقابة في وزارة الاقتصاد الوطني، وتكون مطابقة “للمواصفات الفلسطينية”، ومن الخطأ تصنيعها في المنازل، فهذا له ضرر اقتصادي كبير، ويؤثر على الأنواع المستوردة أو المصنعة بشكل رسمي في مصانع مرخصة.

    وأضاف أن هذه مسؤولية تقع على عاتق وزارة الاقتصاد الوطني ومؤسسة المقاييس والمواصفات الفلسطينية، فيجب أن تكون كل السلع موضح عليها رقم وتصنيف خاص بها، ومواصفات السلعة وتركيبها وتاريخ الصلاحية، وهذه تكون بمثابة شهادة للمنتج يعرف بها.

    وأكد رجب أنه لا يجوز للمنتج والموزع والبائع مخالفة هذه الشروط، وعلى الجهات الرقابية المختصة ملاحقتهم، لأنّ أضرارَ بيع المنتجات التي لا تلتزم بالمعايير وتكون غير مرخصة كبير على المستهلك نفسه، حتى وإن حصل على سلعةٍ رخيصةٍ الثمن، لكن الجودة متدنية، أيضاً هذا يضر بالصناعات الوطنية الواجب تشجيعها، وتحقق ربح لمصنعي ومروجي هذه المنظفات بغير وجه حق.

     

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • في ظل عدم وجود رقابة من الجهات الحكومية

    تحقيق-محمد العرابيد

    في الوقت الذي راجت فيه تجارة توزيع الكهرباء عبر مولدات خاصة خلال العامين الماضيين إثر انقطاع الكهرباء المستمر لأكثر من 20 ساعة متواصلة، اشتكى عدد من المواطنين في قطاع غزة من استغلال أصحاب المولدات كهرباء الشركة وإعادة بيعها للمواطنين بسعر يتراوح ما بين 3- 4 شيكل، وكذلك تجاوزات لأصحاب المولدات في تمديد الشبكات.

    المواطن أبو محمد الذي يقطن في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، اضطر إلى مد خط كهرباء من أحد المولدات لسد نقص عجز التيار الكهربائي المنقط لأكثر من 20 ساعة متواصلة، وذلك لسد حاجات منزله من الإضاءة والتهوية في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

    لاحظ الحاج أبو محمد الذي يبلغ من العمر “55 عاما”، خلال فترات الليل توقف مولد الكهرباء لمدة لا تتجاوز الدقيقتين بالتزامن مع وصول التيار الكهربائي للمنطقة المجاورة له في المخيم.

     

    أثار توقف المولد الكهرباء في فترة وصول التيار الكهربائي للمنطقة المجاورة شكوك المواطن أبو محمد، فبادر بسؤال صاحب المولد عن السبب، فأجابه بأن المولد بحاجة إلى راحة لمدة تتجاوز الدقيقتين كل 12 ساعة من عملة المتواصل.

    المواطن أبو محمد لم يقتنع بجواب صحاب مولد الكهرباء الخاص، فبدأ بمتابعة فترات توقف المولد في معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، لأكثر من أسبوعين، في الوقت الذي تصل به كهرباء الشركة إلى مناطق أخرى من المعسكر.

    ويقول المواطن لمعد التحقيق:” تابعت توقف المولد بالتزامن مع وصول التيار الكهربائي لمناطق مجاورة، حيث تفاجأت بأن صاحب المولد يستفيد من التيار الكهربائي للشركة ويعيد بيعه للمواطن على اعتبار أنها كهرباء من المولد”.

    ويضيف:” هذه الحادثة تكررت كثيرا، حيث عمل صاحب المولد على مد خطوط كهرباء (3 فاز) من منطقة مجاورة للحي الذي أقطن فيه، كون أن برنامج وصل وقطع الكهرباء يختلف عن منطقتنا”.

    هذه الحادثة ليست الوحيدة في غزة، بل رصد معد التحقيق شكاوى عديدة من بعض المواطنين في منطقة جباليا شمال القطاع، وكذلك في مدينة خانيونس جنوب القطاع، تتحدث عن استغلال أصحاب المولدات التيار الكهربائي الواصل من الشركة وإعادة بيعه للمواطنين من جديد على اعتبار أنه من المولد.

    وخلال العامين الماضيين أقدم عدد من المستثمرين على شراء مولدات توزيع كهرباء، وتمديد خطوط في الشوارع لإيصال كهرباء المولد للمواطنين مقابل اشتراك 50 شيكل في البداية، وكذلك دفع مبلع 50 شيكل كحد أدنى من استهلاكه، على أساس احتساب كيلو الكهرباء بسعر يتراوح ما بين 3- 4 شيكل بمختلف مناطق القطاع.

    وفي ظل الوضح الحالي، فإن قطاع غزة يحتاج إلى نحو 500 ميغاواط من الكهرباء، يتوفر منها 210 ميغاواط فقط، حيث يتم توريد 120 منها من جانب الاحتلال، و30 ميغاواط من مصر، والبقية تنتجها محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة.

     تجاوزات أصحاب المولدات

    الشكاوى والشهادات التي حصل عليها معد التحقيق، دفعته للبحث والتقصي عن كيفية استغلال أصحاب المولدات لخطوط كهرباء الشركة، ومدى متابعة الجهات الحكومية والمسؤولة لعملها، وكيف تسمح شركة توزيع الكهرباء لأصحاب المولدات من الاستفادة من الكهرباء وإعادة بيعها للمواطن بسعر مرتفع جدا.

    في بداية الأمر أجرى معد التحقيق عددا من الجولات الميدانية على بعض محافظات قطاع غزة، وخاصة المناطق التي يوجد بها مولدات كهرباء، بصحبة مهندس كهربائي للتأكد من استغلال أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة لكهرباء الشركة وبيعها للمواطن بسعر مرتفع.

    وسجل معد التحقيق عدة ملاحظات خلال الجولة، وهي أن أحد أصحاب المولدات في مخيم الشاطئ، كان يمد خطا كهربائيا من منطقة تبعد عن مولد الكهرباء قرابة الـ1500 متر، كون أن جدول وصل وقطع الكهرباء يختلف عن المنطقة التي يوجد به المولد، في محاولة لاستغلال كهرباء الشركة وبيعها للمواطن، إلا أنه وبعد شهر ونصف اكتشفت شركة الكهرباء أمره وأوقفت عمله بعد شكوى قدمها أحد المواطنين.

    معد التحقيق وجد أن أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة، يضعونها بين المنازل ما يشكل خطورة على حياة المواطنين في حال حدوث أي تماس كهربائي.

    والأخطر من ذلك أن أصحاب المولدات يعملون على تمديد خطوط الكهرباء بالقرب من خطوط كهرباء البلدية، مستخدمين الأعمدة الخاصة بشركة الكهرباء، وهو الأمر الذي تسبب في العديد من الحوادث في بعض محافظات غزة.

     المولدات غير مرخصة

    معد التحقيق حمل هذه الملاحظات التي سجلها خلال جولته الميدانية، ووضعها على طاولة النقاش مع الجهات الحكومية في غزة، إلا أننا تفاجأنا بعد 3 شهور من البحث أن أيا من الجهات التي زرناها لا تتابع هذه القضية، فيما يعمل أصحابها دون ترخيص أو رقابة رغم الإقرار من قبلهم بخطورة التجاوزات ووجوب وضع حد لها.

    معد التحقيق طرق مكتب مساعد وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، المهندس عبد الفتاح الزريعي، لمعرفة آليات متابعة ترخيص المولدات الخاصة المنتشرة في محافظات القطاع.

    في بداية الحديث، قال الزريعي:” إن وزارة الاقتصاد لا تتابع عمل هذه المولدات المنتشرة في غزة نهائيا، لأنها غير مرخصة من أي جهة حكومية”.

    في حين توجه معد التحقيق إلى وزارة المالية بغزة التي أكدت أنه لا علاقة لها بعمل المولدات، سواء بفرض ضرائب على المولد نفسه أو صاحبه، وفقا لما أكده عوني الباشا وكيل الوزارة المساعد.

    وقال الباشا “إن الوزارة لا تتدخل في عمل أصحاب مولدات الكهرباء في غزة، وأن الوزارة لا تحدد أسعار بيع الكهرباء للمواطنين، ولا تفرض أي ضرائب أو رقابة على عملهم”.

    أما رشاد عيد من بلدية غزة، بدوره، أكد أن بلدية غزة هي الأخرى لا تمارس أي دور رقابي أو ترخيص لمولدات الكهرباء التي تنتشر في قطاع غزة.

    وفي ظل النتائج التي توصل إليها معد التحقيق بعد مقابلته للجهات الحكومية في غزة، أنه لا توجد أي متابعة للمولدات، وأن الجهات المسؤولة لا تفرض أي ترخيص أو ضرائب على أصحاب المولدات.

    كما أنه لا توجد أي متابعة لألية عملهم، إضافة إلى تلاعب أصحاب المولدات في سعر كيلو الكهرب من محافظة إلى أخرى ففي مخيم الشاطئ يباع “كيلو” الكهرباء بـ3.5 في حين يباع للمواطن في حي الشيخ رضوان بـ4 شيكل، وهذا السعر الدارج على جميع محافظات القطاع.

     إيقاف أصحاب مولدات

    توجه معد التحقيق إلى شركة الكهرباء في غزة، حيث التقى محمد ثابت مدير العلاقات العامة والإعلام بشركة توزيع الكهرباء محافظات غزة، والذي نفي أن تكون الشركة متورطة في ترخيص خطوط الكهرباء لأصحاب المولدات لإعادة بيعها للمواطنين.

    وقال ثابت:” إن طواقم الشركة تمكنت قبل أسابيع من إيقاف عدد من أصحاب مولدات الكهرباء الذين يستغلون الكهرباء الواصلة من الشركة ويعيدون بيعها للمواطن بسعر مرتفع جدا.

    وأوضح أن الشركة الكهرباء أبلغت الجهات الحكومية في غزة، وجرى تحويل أصحاب المولدات إلى النيابة العامة لأخذ الإجراءات القانونية بحقهم، مشيرا إلى أن طواقم الشركة تعمل بجهد شخصي دون مساندة من الجهات الحكومية في غزة.

    ويقر ثابت بوجود تمديدات كهربائية تابعة للمولدات الخاصة يجري وضعها على شبكات شركة توزيع الكهرباء؛ ما تسبب بحرائق، وإصابات للفنيين العاملين في الشركة؛ بسبب مشاكل في التمديدات وأخطاء فنية يقع فيها أصحاب المولدات.

    وبيّن أن الشركة تزيل التمديدات الموضوعة على شبكات الشركة بشكل فوري في حال الكشف عنها، وكذلك يتم ابلاغ الشرطة التي تعمل على رفع قضايا ضد أصحاب التمديدات لدى النيابة العامة.

    وهو ما يؤكد ما أثبته التحقيق ويفتح السؤال حول التجاوزات الباقية التي لا تكتشفها الشركة ولا يجري الشكوى عنها من قبل المواطنين.

    ويذكر ثابت كذلك أن التمديدات الخاصة بالمولدات غير مطابقة لمعايير السلامة والأمان المعمول بها في تمديدات الكهرباء الكبيرة بحجم تلك المستخدمة في المولدات، مشيرا إلى وجود عدد قليل جداً من أصحاب المولدات ينشؤون خطوط توصيل منفصلة عن خطوط شركة الكهرباء وشبكتها.

     سرقة كهرباء الشركة

    حديث شركة الكهرباء بإلقاء القبض على عدد من أصحاب المولدات، توافق مع حديث أحد أصحاب المولدات شمال قطاع غزة، الذي قال:” هناك عدد من أصحاب المولدات يستغلون كهرباء الشركة لإعادة بيعها للمواطن بسعر مرتفع”.

    وأوضح أن بعض أصحاب المولدات يلجأون إلى تمديد كوابل كهربائية إلى مناطق أخرى؛ بهدف الاستفادة من جدول الكهرباء، لإعادة بيعها للمواطن كأنها من المولد.

    وأشار إلى أن لديه حاليا 300 مشترك من منازل ومحال تجارية”، نافيا استخدامه لكهرباء الشركة وبيعها للمواطنين.

    ويتم التعامل بين أصحاب المولدات والمشتركين بنظامين، الأول يعرف بنظام الأمبير ويعتمد على تمديد خط إلى المشترك مع دفع الأخير لتكاليف التمديد من أقرب نقطة ويتم وضع أمان كهرباء بحسب الأحمال التي يطلبها المشترك، فيما يقوم النظام الآخر على الدفع بالكيلو، وهو الأكثر شيوعاً في قطاع غزة؛ وهو النظام الذي يدر ربحا أكبر لصاحب المولد.

    وتوصل معد التحقيق إلى معلومات من مصادر خاصة، مفادها أن طواقم شركة الكهرباء في محافظة رفح، تلقت شكوى من المواطنين، بأن أحد أصحاب المولدات يستغل كهرباء الشركة ويعيد بيعها للمواطنين بسعر مرتفع.

    وأوضحت المصادر، بأن صحاب المولد “م. ق”، أقدم على سرقة أحد خطوط الكهرباء من منطقة مجاورة له، واستغلها في إعادة بيعها للمواطن بسعر 4 شواكل للكيلو، مؤكدة أن طواقم شركة الكهرباء أبلغت بلدية رفح والشرطة التي عملت على إزالة الكوابل وإحالة صاحب المولد للنيابة العامة.

     تشكيل لجنة لمتابعة عمل المولدات

    وتوصل معد التحقيق خلال عملية التقصي إلى أنه جرى تشكيل لجان من سلطة الطاقة ووزارة الاقتصاد والدفاع المدني، لوضع آليات ومحددات وسبل لحفظ الأمان لعمل مولدات الكهرباء المنتشرة في شوارع قطاع غزة، لكن هذه الإجراءات لم تطبق حتى اللحظة.

    وكشف مصدر حكومي لمعد التحقيق، أنه جرى تشكيل لجان حكومية مختصة لمتابعة عمل مولدات الكهرباء، في أواخر عام 2017، قائلا: ” جرى عقد أكثر من 6 لقاءات خلال ثلاثة شهور تم وضع محددات لعمل مولدات الكهرباء، وتوفير سبل الأمان، وكذلك إجراءات ترخيص المولدات ومد الكهرباء بشكل آمن للمواطن”.

    وأوضح أن سعر كيلو الكهرباء من المولدات سيحدد وفقاً لعدة معايير أهمها سعر الوقود، وقدرة المولد، في حين أحيلت مسألة تحديد مكان وضع المولد لجهاز الدفاع المدني، أما التمديدات الخاصة بالمولدات فستتابعها سلطة الطاقة.

    وبيّن المصدر أن المولدات تعمل حالياً بشكل عشوائي، ونظامها لا يرضي أي جهة حكومية، وغير خاضع لأي متابعة، لافتا إلى أن تشكيل اللجنة جاء بعد أن أصبحت قضية المولدات ظاهرة اقتصادية بغزة.

    وأكد المصدر الحكومي أن الآليات التي وضعتها اللجنة لم يتم تطبيقها على أرض الواقع بسبب حل اللجنة الإدارية التي كانت تدير قطاع غزة، في حين جرى عرضها على سلطة الطاقة في رام الله، التي لم تصدر أي قرار لمعالجة هذه الإشكالية حتى اللحظة.

     ندرس قانون ينظم عمل المولدات

    معد التحقيق حمل هذه القضية والنتائج التي توصل لها، إلى رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي فرج الغول، الذي قال:” إن المجلس التشريعي يدرس مقترح سن قانون ينظم عمل مولدات أصحاب الكهرباء في غزة”.

    وأوضح الغول في حديثه، أن من ضمن القانون فرض ترخيص على أصحاب المولدات، لتنظيم عملهم، وكذلك فرض إجراءات رقابية وتخفيض ثمن الكهرباء التي تصل للمواطن.

    مليار ونص ثمن الكهرباء البديلة

    وعلى ضوء أزمة الكهرباء الخانقة التي تعصف بغزة، وفي ظل استغلال أصحاب المولدات لكهرباء البلدية وبيعها للمواطن بسعر مرتفع، توجه معد التحقيق إلى الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، الذي قال:” إن المواطن في قطاع غزة دفع ما يقارب مليار ونص دولار ثمن حصوله على الكهرباء البديلة”.

    وأوضح الطباع في حديثه، أن أزمة الكهرباء التي تضرب غزة منذ ما يقارب (12 عامًا)، استنزفت أموالا كبيرة من المواطنين لحصولهم على 4 ساعات من كهرباء بديلة.

    وأشار إلى أن تكلفة تشغيل مولد متوسط الحجم بالساعة أكثر من مائة شيقل وتتحمل الشقق السكنية في الأبراج والعمارات السكنية أعباء مالية مضاعفة نتيجة استخدام السولار والتي تصل قيمتها من 100 إلى 250 شيقل شهريا لكل شقة سكنية ضمن ساعات تشغيل مقننة لا تتجاوز 4 ساعات يوميا، بالإضافة إلى قيمة فاتورة الكهرباء الشهرية والتي تأتي وكأن الكهرباء موصولة على مدار 24 ساعة.

    وبعملية حسابية بسيطة، وجد الطباع أن ما يدفع لتشغيل المولدات حسب أقل معدل استهلاك لبرج سكني أو عمارة يبلغ 1200 لتر سولار شهريا مقابل تشغيل مولد الكهرباء لمدة لا تتجاوز 4 ساعات يوميا، أي ما يعادل 2300 دولار شهريا.

    وأضاف: “بحساب هذا المبلغ على 1000 عمارة سكنية وبرج في غزة نجد أن المواطنين يدفعون سنويا ما يزيد عن 23 مليون دولار لتوفير عدد ساعات قليلة من الكهرباء، وبإضافة منازل المواطنين المستقلة والمنشآت الاقتصادية والخدماتية سوف يتضاعف هذا المبلغ عدة مرات، علاوة على الصيانة الدورية التي تحتاجها المولدات ومستلزمات الإنارة الأخرى”.

    ويعتمد المواطنون في قطاع غزة، بصورة أساسية، على استخدام خطوط الكهرباء من المولدات؛ وذلك لسد احتياجاتهم الأساسية والمنزلية، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لمدة أكثر من 20 ساعة يوميا.

    واستنتاجًا مما سبق، فإن حجم الضرر الذي يتعرض له المواطن من أصحاب مولدات الكهرباء، يفرض على الجهات الحكومية في القطاع تطبيق قرارات اللجان التي شكلت العام الماضي.

    إضافة إلى فرض قانون ينظم عمل أصحاب المولدات الكهربائية، وكذلك إضافة تخفيض ثمن بيع الكهرباء بناء على نتائج اللجنة الحكومية التي شكلت.

    وكذلك يجب على الجهات المعنية في وزارة الاقتصاد والمالية والدفاع المدني وسلطة الطاقة إلى وضع برنامج للتفتيش على مولدات الكهرباء.

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • رشاوي تعرقل إجراءات التقاضي ومبلغون في دائرة الاتهام

    المجلس الأعلى للقضاء: سنخصخص التبليغات قريباً

    وزارة العدل: لم تنجح لجان التحقيق في ادانة أي مبلّغ

    النيابة: باب الشكاوي مفتوح للجميع

    الشرطة القضائية: نتلقى طلبات مهولة وكوادر طواقمنا محدودة!

    محامون:  نتعرض للابتزاز وطلب رشاوي

    تحقيق- صابرين ابو ختله

    انتابت مشاعر الإحباط السيدة الخمسينية منى عواد، بعد أن وجدت مكتب موظفي التبليغات بمحكمة غزة موصداً، وقد غادره الموظفون، فطلبت من نجلها الاستراحة قليلا، ومن ثم الرجوع إلى المنزل، على أن يعودا مجددا في اليوم التالي علهم يجدون الموظف المختص.

    عواد واحدة من عشرات بل مئات المراجعين، ممن لهم قضايا منظورة أمام المحاكم، تأخرت أو تعثرت بسبب بطئ إجراءات التبليغ التي يتولى مسؤوليتها أفرادٌ من الشرطة القضائية.

    أسبابٌ كثيرةٌ ساهمت في بطء عملية التبليغ والتي تعتبر من أهم مراحل سير عملية التقاضي وهي الوسيلة الرسمية التي يتم فيها تبليغ الخصوم، ويعطي للمدعي عليه فرصة الدفاع عن نفسه، وبدونها تؤجل الدعوى إلى أن يتم التبليغ بشكلٍ صحيحٍ.

    معدة التحقيق وثقت حالات بطئ في التبليغ أدت إلى ضياع حقوق المتقاضين، الذين وجدوا سبيلهم في القضاء ليحصلوا على العدل، ولكنهم صُدموا بواقعٍ مريرٍ، مليءٌ بالواسطة والمحاباة والمحسوبية، ولا يخلو من  شبهات رشاوى، وتقصير البعض حال دون وصول التبليغات إلى المعنيين بها.

    بلاغات شكلية

    المحامي فتحي نصار اشتكى وغيرهُ من المحامين والمتقاضين من مشكلة حقيقية في التبليغات، فالكثير من التبليغات لا تخرج من مكانها، وأحيانا تخرج بصيغةٍ غير صادقة، وهذا يعتمد على المُبلغ وأمانته.

    وأشار نصار إلى أن بعض المبلغين يقول ذهبت لتبليغ فلان ولم يجده رغم وجوده، وهذا يؤثر على القضايا المنظورة في المحكمة، فقد يكون المُبلغ متآمر مع الطرف الآخر، أو تكاسل للخروج في التبليغ.

    وروىَ نصار ما حدث معه قائلا: أعمل مستشاراً قانونياً في جامعة القدس المفتوحة، وتوجه مأمور التبليغ إلى الجامعة الساعة الثالثة عصراً، وموعد انتهاء دوام الجامعة الساعة الثانية ظهراً،  فوجد موظف في الجامعة وأشعره انه هنالك تبليغٌ لموعد جلسة في اليوم التالي الساعة الثامنة صباحاً، حيث انه وفق القانون ولكي يكون التبليغ صحيحاً يجب أن يتم التبليغ قبل 48 ساعة على الأقل من موعد انعقاد الجلسة، فلم يستلم الموظف التبليغ لأنه غير مختص وليس من الإداريين وانه خارج دوامه أصلا، فما كان للمُبلغ إلا أن كتب على الورقة “الموظف رفض استلام التبليغ” وهنا تمت محاكمة الجامعة غيابياً وهذه الواقعة أثرت عليَّ كمستشار قانوني مع مصداقية الجامعة، وفى نفس الوقت أثرت على الجامعة، فقد اتخذ ضدها حكم جائر بحجز أموالٍ، واثر ذلك على حسابات الجامعة ورواتب الموظفين، والتأثير كان شاملاً لعدم مصداقية المُبلغ، وحسب القانون لابد أن يكون هناك شهود على رفض الاستلام وهذا الإجراء يعتبر تجاوز قام به المبلغ.

    وتنص المادة رقم 16 من قانون الأصول والمحاكمات التجارية والمدنية: ” أنه فيما يتعلق بالشركات والجمعيات وسائر الأشخاص الاعتبارية الأخرى تسلم في مراكز إدارتها الرئيسة أو للنائب عنها قانوناً أو لأحد القائمين على إدارتها، أو لأحد الشركاء المتضامنين فيها”.

    استبيانٌ ودلالات

    معدة التحقيق قابلت فئةً عشوائيةً مكونة من 200 محامي/ة لديهم قضايا منظورة أمام المحاكم، بدءاً من شمال قطاع غزة حتى رفح جنوباً، وطلبت منهم تعبئة بطاقة رأي مواطن وهى احدى أَدوات المساءلة المجتمعية والتي تهدف الى قياس راي المستفيدين من جودة الخدمة التي يقدمها المبلغون، وبعد التفريغ العلمي على يد مختص، تبين أن ما نسبته 89.4% من المُستطلعين يعانون من إشكاليات تتعلق ببطء عمليات التبليغ في قضايا عملوا عليها.

    واعتقد (62.6%) من المحامين أن بعض المبلغين يحصلون على رشاوى وإكراميات، وأن هذه الإكراميات تعتبر سبباً في تأخير التبليغات وإجراءاتها، فيما أكد (41.4%) من المحامين أنه طلب منهم بعض الموظفين إكراميات مالية أو ما يعادلها من أجل تسهيل المهام، بالإضافة إلى أن (71.2%) من المستطلعين ال 200 يرون بأنه بعض الموظفين الإداريين في المحاكم يتقاضون إكراميات مالية.

    فيما قال المحامي م. ع، ورفض ذكر اسمه، بأنه كان يتابع قضية طلب إدخال مدعى عليه، وكان هذا الشخص من الشخصيات البارزة، فقدم المحامي طلب اصطحاب مباشر، بعد أن تأخر التبليغ ودفع الوديعة التي قدرها القاضي، إلا انه صدم بطلب المُبلغ منه مبلغ مائة شيكل وأضاف قائلاً: “وبكل الأحوال بدك ترضى بطلب الموظف”، فيما قال نفس المحامي أنه واجه مشكلة مماثلة في قضية أخرى، تمثلت بحجج ساقها مأمور التبليغ بعدم وضوح العنوان على الرغم أن العنوان واضح ومرئي، فطلب مائة شيكل، وعندما قال له أن المبلغ كبير رد الموظف “هو أنت بتدفع من جيبتك!”

    شكاوى ووقائع

    وتحدث المحامي م. ع لمُعدة التحقيق عن واقعة حدثت معه ” كان هناك طلب فك حجز عن ارض. في محافظة خان يونس، الأطراف الموجودون لم يتم تبليغهم، ولكنه تبين أن هناك علاقة قوية تربط المُبلغ بالشخص المراد تبليغه، وعند مراجعة مأمور آخر للقيام بالتبليغ رفض لأنه يريد إكرامية، قدمنا شكاوى عديدة للمسئول وأكثر من مرة فرد مسئوله “ارضهِ يااستاذ”، وأضاف: “في بعض الأحيان إن قام المسئول بمراجعة المُبلغ فإنه يتحجج بعدم الاستدلال على العنوان “يعني حجته جاهزة”.

    المحامي ع. د. من محافظة رفح واحد من مئات المحامين الذين يشتكون من بطء التبليغات فقال” كانت لدي قضية، تأخر التبليغ فيها مدة شهرين وعند مراجعتي قسم التبليغ في الشرطة القضائية ومراجعتي الموظف المسئول تبين انه كلما يذهب المُبلغ الى المكان يجده مغلق، وعند سؤاله عن الوقت الذي يبلغ فيه رد الموظف انه يذهب للتبليغ بعد العصر، علما أن القضية المراد التبليغ فيها هي جمعية خيرية فمن الطبيعي سيجده مُغلق؛ لان لها موعد دوام محدد فرد الموظف “هكذا نظام عملي فأنا أسير حسب خطة معينة وعندما أصل للمكان يكون عصرا”، بادر ع. د. بتقديم شكوى لمدير القسم وتم حل الموضوع في نفس اللحظة فما كان من موظف التبليغ إلا أن ركب دراجته النارية وتم التبليغ في غضون ساعة وأضاف “يجب على المحامي أن يري الطريقة المناسبة حتى يسيّر معاملاته وقضاياه في المحاكم”.

    فيما كتبت محامية ضمن الاستبيان عن مشكلةٍ واجهتها، مؤكدةً طلب مأمور التبليغ مبلغ مالي فقالت” هناك موضوع حجز على عقار وعملنا طلب اصطحاب مباشر للحجز خوفاً من أن يتصرف الخصم في العقار، فقال الموظف “بطلع معكم بس بشرط زبطوني بالفلوس” متحججا انه هناك أوقات محددة للخروج مما اضطرها للدفع.

    وفى حالة أخرى قال المحامي ر. ض. طلب منه مأمور التبليغ المال للخروج للتبليغ، وأضاف هناك مأمور تبليغ كان يطلب إكراميات، ويتحجج بأنه يريد بنزين، وكان يتردد على مكتبه كثيرا مما أزعجه الأمر فقدم شكوى للقاضي في محافظة رفح، فتم نقله من قسم لأخر لمدة ستة شهور وبعدها عاد لممارسة عمله، وبعد ذلك تبين أن نفس الموظف تم اتهامه في قضية سرقة ملف من المحكمة وعلى اثرها تم نقله بعد ذلك.

    وأكد 76% من المحامين المستطلعين في الاستبيان المذكور عدم وجود رقابة فعلية ورادعة تراقب عمل الموظفين في حين رأى 24% فقط أن الرقابة المذكورة موجودة.

    وجود تجاوزات

    المستشار عبد الرؤوف الحلبي، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في قطاع غزة، أكد أن التبليغات القضائية هي مرحلة أولى من مراحل القضية المنظورة أمام المحاكم وهي من أخطر المراحل التي تمر فيها القضية المودعة لدى المحكمة، لان القضايا بشكلٍ عام لا ينعقد فيها الخصومة بين الأطراف ولا يفتحها القاضي إلا إذا تأكد من صحة واقع تبليغ كل أطراف الدعوى.

    وأضاف الحلبي  أنه إذا لم تتم واقعة التبليغ بصورة صحيحة، يتم تأجيل الملف مرةً تلو الأخرى، وهذا يعود إلى أن البعض من أطراف الدعوة قد لا تكون له مصلحةفي أن تسير الدعوة بالسرعة المطلوبة فيسعي إلى إعاقة حدوث التبليغ بأساليبٍ غير مشروعةٍ، وقد يلجأ إلى بعض الموظفين ضعاف النفوس من أجل إغراءه وإغواءه بالمال لإعاقة توصيل التبليغ  إلى أصحابه، سواء بالشكل الإداري أو من خلال من يقوم بالتبليغ.

    وأقرّ الحلبي هناك بعض الأطراف يستفيدون من الحالة الموجودة في غزة وهى حالة البطالة، وعدم دفع الرواتب للموظفين بالكامل، وضيق الحال فيستغلون الظروف ويعطلوا تنفيذ هذه المهمة “فهذه حالة موجودة ولا ننكرها” ونحن في المجلس نحاول أن نتصدى لها ونحاربها.

    تضارب صلاحيات

    وأوضح الحلبي، أن مأموري التبليغ  تابعون المجلس الأعلى للقضاء وليس لوزارة العدل، موضحا ان هناك مفاهيماً خاطئةً لدى العامة يظنون ان وزارة العدل مسئولة عن القضاء وهذا ليس صحيحا فالقضاء هو سلطةٌ مستقلةٌ قائمةٌ بذاتها ووزارة العدل ذراع من اذرع الحكومة، نحن لسنا جزء من الحكومة نحن جزء مستقل والجهة التي يتبع لها مأمور التبليغ إداريا هي المجلس الأعلى للقضاء.

    بينما أكد وكيل وزارة العدل المستشار محمد النحال أنه وفقا لقانون السلطة القضائية فإن الإشراف الإداري ضمن اختصاص وزارة العدل، حيث نص قانون السلطة القضائية لعام 2002 والذي تنص في المادة 47  ” لوزير العدل الإشراف الإداري على جميع المحاكم “.

    وقال النحال إنّ  وزارته تمثل الحكومة الفلسطينية كسلطة تنفيذية مع السلطة القضائية، وبالتالي من واجب وزارة العدل ومن مسئولياتها توفير ما يلزم من موظفين ولوجستيات للمحاكم، وتوفير بيئة العدالة، فلوزارة العدل دورٌ رقابي وإشرافي على الموظفين الإداريين، وهذا كله يأتي في إطار العمل على توفير بيئة تتناسب مع إجراءات العدالة ورفع مستوي العدالة في المجتمع الفلسطيني.

    ارقام مهولة

    أما مدير دائرة الشرطة القضائية فرع غزة المقدم أحمد أبو العيس فقال إن الشرطة القضائية تتلقى ما يزيد عن 20 ألف بلاغ شهريا بصفة دورية، أي ما يقارب ربع مليون بلاغ في السنة الواحدة، حيث يقوم  بالتبليغ حوالي من 39 إلى 40 مُبلغ، مؤكدا ان هذا الكم الكبير يحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ من المبلغين والى جهودٍ بشريةٍ وماديةٍ، وهذه الجهود غير متوفرة في الشرطة القضائية ويتم العمل بأقل القليل.

    ننجز95% من التبليغات

    وبين أن حوالي 95% أو أكثر من هذه التبليغات منجزة وتأخير ال5% تكون لظروفٍ طارئةٍ خارجة عن الإرادة، وهذه النسبة حسب رأيه عملٌ ممتازٌ في ظل ضعف الإمكانيات المتوفرة حيث أن المبلغ يحتاج إلى دراجة نارية وتحتاج إلى صيانة وتحتاج إلى وقود، ووزارة المالية تصرف مواصلات ولكن بصورة غير منتظمة، فتتأخر هذه المواصلات إلى 6شهور لا يتلقى المبلغ أي شيكل فنقوم في الشرطة القضائية بمساعدة المبلغين وتحفيزهم ماليا قدر الإمكان، عن طريق المبلغ المُحصل من الاصطحاب المباشر، وهذا يساعدنا على دعم المبلغين سواء بتصليح الدراجات النارية او توفير وقود لهم لكي يؤدوا عملهم على قدر المستطاع.

    وبين ابو العيس أنه يوجد برنامج الكتروني تم تصميمه بمجهودات خاصة في الشرطة القضائية، ويهدف إلى متابعة كل كبيرةٍ وصغيرةٍ في البلاغات، وتكون محدد فيها تاريخ الجلسات وتراجع بشكل يومي، ويتم من خلاله معرفة البلاغات التي لم تُبلغ وتُطبع كشوفات لكل مبلغ بحيث يتبعها وينفذها.

    وشدد على أن الشرطة القضائية تمنع أي تواصل بأي شكلٍ من الأشكال بين المحامين والمبلغين ويتم التواصل مع الإدارة وليس مع المبلغ، واضاف قائلا: “في وضعنا هذا نحن نضغط على المبلغ ونعطيه إرشاداتٍ وتحذيراتٍ من ممارسة السلوك الخطأ ولا نريد أن نعرض المبلغين لمحاولة رشاوى أو إغراءات مادية فاذا وجد يتم محاسبته والحساب عسير”.

    أزمة في التبليغات والخصخصة هي الحل

    ونوه المستشار النحال إلى إن هناك أزمة موجودة فيما يتعلق بالتبليغات القضائية، وهذا يؤثر سلباً على تحقيق العدالة، وهناك العديد من الشكاوى وصلت، فكان هناك جلسات ونقاشات رسمية مع نقابة المحامين، وتم مناقشة الإشكاليات التي يعاني منها المحامون، وأيضا الجمهور، وكان واجب علي وزارة العدل مناقشة الأمر مع الجهات الحكومية المختصة، ووضع حلول، لذلك وتوصلنا إلى ضرورة إيجاد حل من خلال خصخصة التبليغات.

    وهو ما وافقه المستشار الحلبي مؤكداً انه تم بحث حلول مع الجهات المختصة من بينها خصخصة التبليغات، وعليه سيتم التعاقد مع شركة خاصة بضوابط وشروط معينة، بحيث تتولى هي عملية توصيل التبليغات لأصحابها بإجراءات قانونية سليمة.

    تظلمات لا تحرك ساكناً

    توجهت معدة التحقيق إلى مقر النيابة العامة في مدينة غزة، لتقديم كتاب لمقابلة النائب العام، وهناك كانت الصدفة بالتعرف على الخمسيني “أبو إياد” من محافظة خانيونس، وقد لفت انتباه كل من كان في ديوان المظالم بصوته الجهور، حين يردد بحسبي الله ونعم الوكيل، وبعد الحديث معه، قال: “لدي قضية نزاع على ملكية قطعة أرض ورفعت قضية عن طريق المحكمة، وعمل كفالة عدلية لعدم التصرف في الأرض”.

    وتابع: تم ارسال أوامر تبليغ للخصوم ولكن النيابة العامة فرع خان يونس تقول إنهم غير مبلغين على الرغم من امتلاكه أوراق التبليغ موقعة بالفعل تؤكد تبليغهم، “قامت معدة التحقيق بتصوير الاوراق”.

    وأضاف توجهت إلى مكتب النائب العام للمرة الرابعة لمتابعة الشكوى، وأفادوني ان الشكوى تحولت إلى خانيونس مجددا، وعند مراجعة نيابة خانيونس قالوا انه تم التحفظ على القضية لعدم وجود بيانات”.

    فبدوره تحدث الناطق الرسمي باسم النيابة العامة المستشار زياد النمرة، عن آليات تقديم الشكوى فالمواطن يتقدم بشكواه لدي مركز الشرطة أو النيابة، ويتم عرض هذه الشكوى على وكيل النيابة المختص الذي يعطي تعليماته لاستكمال الإجراءات”.

    أما في سياق التعامل مع الشكاوى المقدمة من المواطنين أو المحامين الموجهة ضد بعض مأموري التبليغ، أفاد النمرة انه إذا كانت هناك شكوى ضد مأمور التبليغ، فالنائب العام هو صاحب الدعوة الجزائية، فإذا تلقى موظف التبليغ رشوة، فهذه جريمة جزائية يستوجب مسائلته والتعامل معه جزائياً، ويتم اتخاذ الإجراء القانوني بحقه حسب الأصول، وهي إجراءات التحقيق والاستجواب والاتهام والإيداع إلى المحكمة المختصة والعقوبة تُترك للمحكمة، مؤكدا على وجود حماية للمشتكي بعدم التعرض له من أي جهة ان كان المشتكي على حق.

    وأشار النحال أنه لم تشكل أي لجنة تحقيق في وزارة العدل، فيما يتعلق بمسألة المكافآت المالية والفسادـ والتي نتج عنها ضرر للمتقاضين، وعلى الرغم مما يقال ويردنا من شكاوى لكن من الصعب إثباتها، لان الموظف المسئول عن التبليغات عندما يحصل على 80 تبليغ في اليوم الواحد، اولا سيقوم الموظف بتبليغ 20 تبليغ حسب الوقود المتاح له، ويقول انتهي الوقود وهذه حقيقة، ولكن كيف تم اختيار العشرين تبليغ من بين الثمانين على فرض؟ ومن يثبت أن هذا الموظف لم يتمكن بالفعل من الوصول الى العنوان الصحيح؟ فالمسألة لها علاقة بالضمير وأخلاقيات العمل بالنسبة للموظف، لذلك حتى اللحظة لم تنجح أي لجنة تحقيق في إثبات أن هناك حالة رشاوي، وذلك لان الراشي لا يقدم شكوى لأنها جريمة جزائية.

    نظام جديد للشكاوى

    بدوره أفاد المستشار النحال أن هناك نظام جديد معمول به في الوزارة وهو تفعيل الشكاوي وإجراءات الوصول للعدالة، حيث يتم تلقى الشكاوي في مكتب وكيل الوزارة أو في الدائرة المختصة، وهى ” وحدة حقوق الإنسان وشكاوي المواطن”، ويتم دراستها من قبل القانونيين في هذه الوحدة، ومن ثم رفعها إلى مكتب الوكيل، وبناءاً على توصيات الوحدة يتم مخاطبة الجهات المختصة سواء كانت النيابة أو المجلس الأعلى للقضاء أو وزارة الداخلية، ونتلقى الردود، ثم نعود إلى التواصل مع المواطن وتبليغه بحل مشكلته مع الجهات المختصة، بالإضافة إلى أن هناك تنفذ جلسات استماع وتوجيه المشتكي نحو الإجراء السليم، وبالتالي نسلك مسلكين، إما المساعدة القانونية في الوصول لحقه أو معالجة الأمر مع الجهات المختصة.

    وأقر المستشار النحال بوجود مدونة سلوك معتمدة ومنشورة في ديوان الموظفين العام والمؤسسات المختصة، ولكن المشكلة في سلوك الموظف وعدم التزامه بمدونة السلوك أو بالقانون أو بأداء مهمته والقيام بمسئولياته على أكمل وجه لذلك نحتاج إلى رقابةٍ فاعلةٍ واتخاذ الإجراءات المناسبة.

    طلب الاصطحاب المباشر

    طلب الاصطحاب المباشر هو إجراء وجد في المحاكم كعرف قديم معمول به، ويستخدم في حال تعذر تبليغ الخصم أكثر من مرة، ولكن تم تفعيله في الفترة الأخيرة بكثرة وذلك للتخفيف عن دائرة التبليغ ضغط التبليغات، والتي بلغ عددها ربع مليون تبليغ خلال عام2017، هذا الطلب عبارة عن وديعة يقدرها القاضي ويدفعها المواطن عن طريق محاميه، بناءاً عليها يسمح له بأخذ الموظف إلى مكان الخصم للتبليغ بالذات.

    أما عن عدم توحيد رسوم الاصطحاب المباشر والتي تشكل عبء على المواطن، أكد الحلبي على أن المسألة استثنائية تم العمل بها بسبب الظروف، وتقديرية الوديعة هنا يعود لقناعة القاضي، مثلا المكان المطلوب تبليغ الشخص فيه في منطقة حدود الشجاعية يقدر له وديعة أكبر بقليل من منطقة الجندي المجهول، والمسألة تختلف لعدم وجود قائمة بهذه المسألة لأنها ليست أصيلة واستثنائية، مضيفاً “فنحن نعاني من نقص في عدد القضاة ومن نقص في عدد الموظفين والأماكن التي نعمل بها، فلا استبعد أن يقوم الموظف بالتراخي لكي يضطر المحامي لتقديم الاصطحاب ونحن لا  نقبل ونحارب وجودها، وإذا ثبت أن الموظف يمارس ابتزازاً فبدورنا نحاسبه.

    ووفق أحكام القانون المصري رقم 69 لعام 1953م فيما يتعلق بتجريم الرشوة في قطاع غزة، والتي تنص على “أن كلَ موظفٍ عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبِل أو أخد وعداً أو عطية لأداء عمل من اعمال وظيفته يعد مرتشياً”.

    أمام ما ورد من معطيات في التحقيق فإننا أمام شبهة فساد تتعلق بـ”الرشوة” لقاء تقديم خدمة التبليغ بشكل سريع أو من خلال إِبطائها، ورغم اعتراف الجميع بأن هناك تجاوزاتٍ حقيقةً يمارسها بعض الموظفين وإن كانت في الخفاء يبقى المواطن الغزي هو الوحيد الذي يدفع فاتورة هذا الفساد ويكتفي بالقول “حسبنا الله”.

     

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • غاز مشتعل في الثلاجات.. فنيون يهددون حياة المواطنين من أجل المال

    غاز مشتعل في الثلاجات.. فنيون يهددون حياة المواطنين من أجل المال

    تحقيق- أمل بريكة

    أثارت المدة الطويلة التي احتاجها أحد فنيي الثلاجات لملئها بغاز التبريد شكوك المواطن نضال أبو عودة من مخيم الشاطئ بغزة، خاصة بعد أن اشتم رائحة غاز طهيٍ تنبعث ُخلال محاولات الفني إصلاح ثلاجته.

    غير أن المواطن أبو عودة لم يتخيل أن ما وضُع في ثلاجته هو غاز طهي خاصة أنها كانت تعمل بشكل جيد.

    مر اليوم الأول والثاني دون مشاكل، وفي ثالث يوم اشتم أبو عودة رائحة غاز طهي تنبعثُ من المطبخ، فسارع بتفقد الاسطوانةِ الموصولةِ بالموقد لكن التوصيلات كانت سليمةً.

    ولسوء حظ  أبو عودة فإن الثلاجة كانت قريبة جداً من الموقد المشتعل لطبخ الطعام فسرعان ما اشتعلت الثلاجةُ وسط ذهوله وأسرته، فسارع لتتبع مصدر الشعلة فوجد النار تخرج من ثقبٍ في أنابيب الثلاجة، حينها أدرك الأمر، وتصرف بسرعة عبر إغلاق اسطوانة الغاز وسكب الماء على مصدر النار ثم كتمها بواسطة قطعة قماش مبللة.

    أبو عودة  واحد من عشرات الضحايا ممن كانوا فريسة لجشع بعض فنيي الثلاجات ممن يستبدلون غاز التبريد المسمى غاز “فريون”، والمسمى محلياً ب  (غاز 20)، ببديل خطير وهو غاز الطهي المنزلي الرخيص لتشابه خواص كليهما، مع اختلاف جوهري وخطير بأن غاز الطهي مشتعل والآخر لا يشتعل، مَا يشكل خطراً كبيراً على المواطنين ويهدد أمنهم وسلامتهم في حال تسرب للغاز من الثلاجة.

    جشع  الفنيين

    غاز 20، هو نوعية من “غاز الفريون”، يحقن داخل الثلاجة بكمية تتراوح ما بين 200-250 جرام، من أجل إكمال دورة التبريد، وفق نظام خاص بعمل الثلاجات، وهو غاز غير قابل للاشتعال، بخلاف غاز الطهي المشتعل.

    ويقول الفني مسعد الشيخ عيد، المختص في إصلاح وصيانة الثلاجات، إن أجهزة التبريد الحديثة وخاصة الثلاجات التي وصلت إلى قطاع غزة منذ عام 2009 حتى الآن، تختلف كلياً عن الأنواع القديمة الموجودة في غزة منذ عقود، فآلية العمل والتبريد فيها تتم عبر حقنها بنوعيةٍ خاصةٍ من غاز “الفريون”، يسمى محلياً “غاز 20″، وعند إجراءِ صيانةٍ للمضخةِ “ماتور”، يتطلب الأمر تغيير الغاز ووضع كمية جديدة بدلاً من السابقة، لكن هذا الغاز ثمنه مرتفعٌ، وربح الفني من خلال وضعه ضئيلٌ جداً.

    وبين الشيخ عيد أن بعض الفنيين بدأوا رحلة البحث عن بدائل، كانت من خلال وضع الغاز التقليدي “القديم”، وتجربة أنواع أخرى، إلى أن اكتشفوا أن غاز الطهي التقليدي يحمل نفس خواص “غاز 20″، ويؤدي الغرض المطلوب بكفاءة، فبدأوا بحقنه وضخه في الثلاجات، نظراً لرخص ثمنه، وعائد الربح الكبير الذي يجنونه من وراء ذلك، متجاهلين مخاطره  الكبيرة.

    وهو ما أكده المهندس  فداء اللقطة ” مدير عام شركه اللقطة  للأجهزة الكهربائية والتكييف ” بأن الكثير من الفنيين يلجئون إلى خداع المواطنين بالتحايل على ضاغط الثلاجة بتعبئته بغاز الطهي الطبيعي، وفي هذه الحالة يستخدم اسطوانة أخرى ممتلئة بغاز الطهي، منوهاً إلى أن لذلك خطران، الأول على الثلاجة التي قد تعمل بشكل طبيعي لمدة محددة، لكن على المدى القريب يؤدي ذلك إلى إعدام الضاغط وإتلافه، وربما إعدام الثلاجة بأكملها، فهي غير مؤهلة للعمل بواسطة غاز الطهي، أما الخطر الثاني فيهدد سكان المنزل، فغاز الطهي مشتعل، وتسربه قد يؤدي الى إحراق المنزل، وربما إصابة وتضرر من يقطنونه، واصفاً هذا العمل بالخطير، وأسلوب مخالف من أجل جني المال.

    وأوضح الشيخ عيد أن “غاز 20″، غير قابل للاشتعال، وفي حال تسربه لا يشكل أي خطورة المتواجدين في المنزل، بيد أن غاز الطهي سريع الاشتعال، وخطورته بأن الثلاجة توضع في المطبخ، والأخير يتواجد فيه موقد غاز يشتعل معظم ساعات اليوم، وهنا تكمن الخطورة، ففي حال حدث تسرب تحدث الكارثة، وقد تودي بحياة الأسرة .

    وأشار الشيخ عيد إلى أنه دائم النصح للفنيين بتجنب وضع غاز الطهي في الثلاجات، كما ينصح الزبائن بأن يطلبوا من الفني فتح اسطوانة الغاز قليلاً ليشتموا الرائحة قبل حقن الغاز في الثلاجة، للتأكد من نوعه.

    وطالب الشيخ عيد بوضع رقابة على الأمر، ومنع وضع غاز الطهي في الثلاجا مهما كانت الدوافع، خاصة مع توفر البديل الآمن.

    بدائل خطيرة

    ومن جهته أوضح اللقطة” أن غاز الثلاجات يختلف تماماً عن غاز التكييف، فالاسم العلمي لغاز الثلاجات معروف بغاز ” الفريون ”  ورقمه  R12 , R134 ، وهناك أكثر من رقم حسب الشركات المصنعة للماتور، فهذا النوع من الغازات تنطلق في الهواء ولا يستطيع أن يراها الإنسان بالعين المجردة، لذلك لا يضر بالإنسان وإنما يضر طبقة الأوزون فيعمل على زيادة توسيع الثقب، وكثير من الدول تسعى لإيجاد بديل عنه ومحاولة منع استخدامه لأضراره البيئية.

    وبيّن اللقطة مميزات غاز الفريون للثلاجات، الذي يساعد الثلاجة أن تعمل بكفاءة عالية، ويساعدها على سرعة التجميد، وموفر للكهرباء، ويعتبر أفضل غاز على الإطلاق للمواتير التي تقلل من عطلها، بالإضافة إلى أنه عديمُ اللونِ والرائحةِ، ولا يسببُ الاشتعال في حال تسرب، ولا يجوز استبداله بأي غازٍ آخر، لأن الماتور مُصّنعٌ لاستخدام هذا النوع من الغازات بضاغط معين، فهو آمن جداً للمنزل.

    وأوضح اللقطة أن  كل ثلاجة تستهلك وزناً محدداً لشحنها بالغاز، وعلى سبيل المثال فثلاجة المنزل تشحن بكميه لا تزيد عن ٢٥٠ جرام من الغاز المعروف  بـ ” الفريون ” ويتم شحنه بواسطة ساعة الشحن، ويبقى الغاز حتى انتهاء أجل الثلاجة، ويتم تجديده في حال تسرب الغاز، لخلل في أداء الثلاجة كعطلٍ في الأنابيب، ويستدعي ذلك الخلل تغيير الماتور، ومن ثم إعادة شحنه بغاز جديد بعد فقده.

    وبعد سؤال فنيين وصلت مَعّدةَ التحقيق للفني عمر (اسم مستعار) وهو يستخدم غاز الطهي لحقنه في الثلاجات كبديل لغاز الفريون،  رفض الحديث رغم المحاولات لإقناعه ورد بجملة واحدة (انتو جايين تقطعو رزقي)!!

    وبحسب ما قاله مقربٌ من عمر فإن الأخير اعتاد على وضع غاز الطهي في الثلاجات الحديثة، وهذا يتيح له جني ما بين 100-200 شيكل من وراء كل عملية إِصلاح.

    خداع وغش

    وأكد اللقطة أن بعض الفنيين يمارسون هذا العمل الخطير منذ سنوات دون رقابة من الجهات الرسمية، حيث كان اللقطة شاهداً على واقعة بالمغازي قبل عدة سنوات، حينما أحضر أحد المواطنين فني ثلاجات لمنزله، وأثناء قيام الفني بحقن  الماتور بغاز الطهي اشتعل المنزل بالثلاجة، مما أدت إلى أضرار جسيمة بالمنزل والفني ذاته تعرض للحروق، ولازالت تظهر علامات الحروق على جسده حتى الآن.

    ونصح اللقطة المواطنين بقراءة نوع الغاز على الماتور و أن ينتبه جيداً للأسطوانة  التي يريد الفني استخدامها للشحن، لأن كل أسطوانة مختوم عليها اسم ورقم الغاز، وفي حالة واجهته حالة غش كهذه يتوجه إلى الجهات الرسمية لتقديم شكوى ضد الفني، ويجب أن لا يتركه دون مسائلة.

    كارثة خطيرة

    بينما يقول المواطن خليل سلامة إنه اضطر للاتصال على مختص في أجهزة التبريد، من أجل إصلاح ثلاجته الحديثة التي تعرضت للعطل، وبعد وصول الفني وإجراء فحص شامل للثلاجة، أخبره ثمة ثقب في الأنابيب تسبب في تسرب غاز التبريد من الثلاجة، وهذا يتطلب اغلاق الثقب، ومن ثم وضع غاز جديد، وقد فعل ذلك، وتلقى مقابل إصلاحها مبلغ 200 شيكل وغادر، بعد أن تأكد والده من عمل الثلاجة بكفاءة، واستعادة قدرتها على التبريد.

    وأشار سلامة إلى أن الأمور سارت بشكل جيد لمدة شهر، لكنَّهم مع مرور الوقت صاروا يشعرون بأن كفاءة التبريد تراجعت، وتزامن ذلك مع اشتمام رائحة غاز طهي في المطبخ، وكان والده في حيرة من أمره، خاصة بعد تفقد على البوتاجاز والأسطوانة والأنبوب الواصل بينهما، ولم يعثر على أي تسرب.

    و في يوم حاول تتبع الرائحة فقادته حاسة الشم إلى مضخة الثلاجة، فأحضر صابونة وماء، ووضع رغوة فوق الثقب القديم الذي تم اصلاحه من قبل الفني، فكانت المفاجأة بأن ثمة تسربٍ بطئٍ للغاز، وأن ما يخرج من الثقب كان غاز طهي، حينها سارع بفتح النوافذ والأبواب، وأطفأ كل شيء مشتعل، وعمل على توسيع الثقبِ، واخراج الغاز سريعاً من الثلاجة، حتى يتجنب خطره، ولا يبقي العائلة تحت تهديدٍ مستمر.

    ونوه إلى أن والده شعر بالغضب لأمرين، الأول بأن ثمن غاز الطهي الذي وضعه الفني في الثلاجة لا يتجاوز خمسة شواكل، وتقاضى مبلغ 200 شيكل، وهذا غشٌ وتدليسُ، والثاني وضع مادةً خطيرةً ومشتعلةً داخل الثلاجة ما يعرض حياة أسرته للخطر.

    وأكد أن عائلته تعلمت درساً مما حدث، ونقلت تجربتها للجميع، ويحالون باستمرار توضيح الأمر للأصدقاء والأقارب، وحثهم على التنبه جيداً عند حدوث عطل في ثلاجاتهم.

    وزارة الاقتصاد الوطني تراقب عمل الورش ولا يمكنها التحرك دون ورود شكوى من قبل مواطن متضرر، حيث طالب الناطق باسمها طارق لبد أي مواطن يقع عليه ضرر بسرعة تقديم شكوى، لتتمكن من متابعة الموضوع، ومحاسبة المتجاوزين من الفنيين.

    خياران كلاهما مُر

    بينما كانت تعاني المواطنة هبة الشريف من محافظة رفح، من عطل  بثلاجتها المنزلية، دام هذا العطل لعدة شهور دون معرفة السبب الحقيقي، اضطرت خلالها للاستعانة بفني ثلاجات لإصلاح الخلل الموجود.

    وقالت الشريف بأن أحد أقربائها كان يتعامل مع أحد الفنيين الذي نصحها بالتوجه إليه، فأحضرته إلى المنزل وبعد تفحص دقيق، أخبرها بأن ثلاجتها بحاجة إلى حقن غاز، لكي يتسنى لجهاز التبريد العمل بكفاءة.

    ووضعها الفني أمام خيارين إما أن تُبقى ثلاجتها بلا غاز أو أن يتم حقن ثلاجتها بغاز الطهي الطبيعي، موضحاً لها بأن الغاز المخصص للثلاجات غير متوفر وسعره مرتفعٌ جدا،ً ولا تستطيع دفع ثمنه، لهذا السبب يلجأ الفنيون لاستخدام غاز الطهي في حقن الثلاجات متجاهلاً عواقبه الوخيمة على المواطن.

    واقتنعت الشريف برأيه وحقنت ثلاجتها بغاز الطهي، وعملت بنصيحته لها بضرورة إِبعاد الثلاجة عن المطبخ الذي تتواجد فيه أسطوانة غاز الطهي، خوفاً من إِحداث تسريب من الثلاجة يؤدي إلى اشتعالها وإِحداث كوارث.

    وبقيت المواطنة الشريف تعيش في حالة من الترقب والقلق بعد قيام الفني بحقن ثلاجتها بغاز الطهي ، وتحاول قدر الإمكان ابعاد ثلاجتها عن أية مادة مشتعلة، قائلة بأنها تشعر بالندم على إقدامها بحقن ثلاجتها بهذا الغاز.

    عدد المنشآت الحرفية والصناعية في قطاع غزة وصل إلى 5000 منشأة مسجلة لدى وزارة الاقتصاد ولها ترخيص صناعي، ولكن هذا الكم الهائل من المنشآت يحتاج إلى كادر للرقابة عليه، ففي الدائرة الصناعية لوزارة الاقتصاد 8 مراقبين فقط على مستوى القطاع.

    رقابة محدودة

    من جهته تحدث طارق لبد “مدير دائرة الاتصال والاعلام ” بوزارة الاقتصاد الوطني بغزة، عن نظام الرقابة الذي تتبعه الوزارة على الورش الفنية التي تعمل في مجال تصليح الثلاجات، ومدى مطابقتها لمعايير العمل والسلامة المهنية المتوفر في التراخيص التي منحت لهم من قبل الوزارة.

    وأوضح أنه وفق القانون يسبق أي عمل عدة اجراءات يقوم بها صاحب المشروع كي يتسنى له القيام به، بدءاً بإحضار رخصة من الدفاع المدني، ورخصة حرفة من البلدية القريبة منه، ويقدمه للوزارة وبناءً على ذلك تتقدم الوزارة بفحص ميداني وكشف مدى مطابقة المكان والمعدات للمواصفات العالمية والفلسطينية، وأخيراً يتم منحه رخصة السجل التجاري لمباشرة عمله.

    وأكد لبد أن وزارة اقتصاد تتابع عملها عبر مديرياتها المتواجدة في كافة أنحاء قطاع غزة على مدار الساعة لاستقبال شكاوى المواطنين، وكل مواطن يتعرض لضرر من قبل أصحاب الورش الفنية نطالبه بالتوجه مباشرة للوزارة، وفي حال تبث خللاً من قبل التاجر أو صاحب الورشة يتم تحويله للدائرة القانونية في الوزارة لأخذ المقتضى القانوني ضده.

    وبالرغم من أن معدة التحقيق أثبتت استخدام بعض فنيي الثلاجات استخدام غاز الطهي في الثلاجات من خلال التوصل لحالات متضررة، إلا أن لبد يلقى اللوم على المواطنين الذين لم يتقدموا بشكوى رسمية ضد هؤلاء الفنيين للتحرك بناء عليها، واثبات الحادثة واتخاذ المقتضى القانوني ضد الفني من قبل الجهات المختصة.

    وأكد أن هناك إجراءات قانونية صارمة قد تُتبع ضد أي فني يخالف شروط السلامة المهنية، وتتدرج ما بين الغرامة المالية، أو إغلاق الورشة، أو إجراءات أكثر صرامة، علماً بأنه لا يجوز على الإطلاق استخدام هذا الغاز كونه يشكل خطر حقيقي على حياة المواطنين، كإحداث حرائق أو أضرار مادية أو جسدية.

    وأكد لبد أن الغاز المصرح استخدامه من قبل فنيي الثلاجات هو الغاز المتعارف باسم غاز النيتروز الذي يتم استيراده من الجانب الاسرائيلي الذي يمنع دخوله في كثير من الأحيان بالإضافة إلى وصوله أحياناً من الجانب المصري، ولا يجوز استخدام أي مادة أخرى غير مطابقة للمواصفات والمعايير المتعارف عليها، وعلى المواطن الانتباه في التعامل مع هؤلاء الفنيين الذين يتحملون كامل المسؤولية أثناء ارتكابهم هذا الفعل.

    رقابة شكلية

    أما المهندس حسن الشاعر ” رئيس قسم الصناعات المعدنية والحرفية ” في وزارة الاقتصاد الوطني، فأكد أن الرقابة على عمل الورش الفنية لصيانة الثلاجات والفنين، ليس من اختصاص وزارة الاقتصاد بالشكل المباشر، فوزارة الاقتصاد تتحرك عند ورود شكوى من أحد المستهلكين تفيد بتعرضه لأضرار معينة، نقوم باستقبال الشكوى والتحقيق فيها لأخذ المقتضى القانوني.

    وتابع الشاعر عدد المنشآت التي وصلت في قطاع غزة إلى حوالي 5000 يحول دون تمكننا من متابعتها خاصة أن هناك ثمانية مفتشين فقط، هناك منشآت نراقب عملها كل عامين مرة، وهناك منشآت غير مرخصة، بالإضافة إلى عدم وجود مختبرات أساسية في قطاع غزة لفحص المنتج، ومعرفة مدى مطابقتها للمواصفات الفلسطينية من عدمه، مبيناً أن الرقابة على ورش اصلاح الثلاجات من اختصاص جهات أخرى.

    منح تراخيص ليس إلا ..

    بينما أوضح  محمود يوسف ” المستشار القانوني لبلدية رفح ” بأن البلدية تمنح تراخيص للورش والمصانع حسب قانون تنظيم المدن، وقانون الحرف والصناعات في قطاع غزة، ولكن البلدية ليست الجهة الوحيدة التي تمنح تراخيص لتلك الورش، فالراغب بافتتاح ورشة عليه الحصول على تراخيص من عدة جهات أخرى منها وزارتي الصناعة والاقتصاد، ولكن البلدية تعتبر الأساس في منح تلك التراخيص حسب الموقع العام لمكان الورشة أو المصنع، بعيداً عن المناطق السكنية.

    وخلال الحديث عن طبيعة عمل الورش التي تمنحها البلدية التراخيص، فقال يوسف بأن محافظة رفح مدينة حرفية ويقتصر مجال عمل تلك الورش على سمكرة ودهان السيارات، ميكانيكا، كهرباء، رخام، مؤكداً بأنه لا يوجد أية ورشة لصيانة الثلاجات حاصلة على ترخيص بلدية، كونها تعمل ضمن نطاق محلات صغيرة لبيع الثلاجات القديمة أو تعبئة وبيع الغاز، وبعضهم يعملون دون ورش، اذ يتوجهون لمنزل صاحب الثلاجة لصيانتها بناءً على اتصال منه.

    واختتم يوسفُ حديثه عن اللجنة المختصة بمراقبة ورش صيانة الثلاجات والتي تضم البلدية فيها، عُرفت باسم لجنة السلامة المهنية، وقد ذهبت معدة التحقيق على الفور مع تلك اللجنة، لتحاسب إذا اتضح أن ورش صيانة الثلاجات لا تخضع لأي رقابة.

    خارج إطار الرقابة!

    ومن جهته أوضح م. محمود كلاب ” رئيس اللجنة الفنية للسلامة والصحة المهنية ” في محافظة رفح، طبيعة عمل تلك اللجنة أبرزها: اعداد صورة بيانية عن واقع السلامة الصحية والمهنية على أرض الواقع، رسم السياسات العامة، وتحديد الاحتياجات اللازمة، تعزيز العمل والتعاون المشترك مع المؤسسات الحكومية.

    وبين كلاب الآلية التي تتشكل منها اللجنة التي تضم عدداً من ممثلين المؤسسات الرسمية: ومنها أعضاء من وزارة العمل والصحة والتربية والتعليم وسلطة جودة البيئة ووزارة الزراعة والحكم المحلي ومؤسسة المواصفات والمقاييس والهيئة العامة للبترول، وتعمل هذه اللجنة على التفتيش الميداني للورش الفنية والصناعية في قطاع غزة.

    وتابع كلاب بأن اللجنة على مستوى محافظة رفح تراقب على حوالي 3770منشأة فنية وصناعية في مختلف المجالات والتي من المتوقع أنها تشكل خطراً على سلامة العمال والمواطنين، تتم عملية المراقبة مرة اسبوعياً، ولكن لقلة عدد المفتشين يتم التفتيش على الورش الأكثر خطراً، ويتم الخروج بتقرير مفصل حول هذه الزيارة وارساله للجهات الرسمية في حال ثبت أية قصور.

    وقال كلاب: بأن اللجنة لديها كافة الصلاحيات التي تمكنها من مراقبة كافة الورش الفنية، لإرغام صاحب الورشة بعمل الاصلاحات اللازمة التي تطلبها منه اللجنة، لكي تضمن السلامة المهنية.

    وعن سؤال معدة التحقيق حول ما اذا كانت اللجنة تراقب على عمل الورش الفنية الخاصة بصيانة الثلاجات، قال بأن اللجنة لا تتابع طبيعة الغاز التي يتم وضعه في الثلاجات لأنه ليس من اختصاصها .! نافياً أن تكون حوادث مماثلة وقعت. 

     

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • معاهد لتعليم اللغة تدعي أنها شريكة مع جامعات بريطانية

    تحقيق- رشا فرحات

    سجل معنا في منحة اللغة الإنجليزية، 12 مستوى فقط 250 شيكل، وليس هذا فحسب ، المركز معتمد من كلية كامبريدج الدولية، ويمكن للفرصة أيضا ان تساعدك في الحصول على التوفل والايلتس أو قبول في أي جامعة بريطانية.

    ليس صعبا أن تحصل على أحد هذه الإعلانات، مراكز ومعاهد للغة والكمبيوتر والتدريب، بل مراكز التعليم المستمر في أحد أشهر الجامعات الفلسطينية، بل وتخطى الأمر حتى وصل لرياض الأطفال، كلها مدعومة من جامعة كامبريدج أو هارفي أو وفي معظم الإعلانات يدعي المركز أنه الوكيل الوحيد والحصري!
    فما هو الدليل على ذلك وإلى أي حد تتاجر هذه المراكز التعليمية بالوهم .

    كل ذلك مع العلم ان الجامعات البريطانية تلزم الطالب بالحصول على النجاح في مستوى متقدم للغة من معهد معترف به من قبل الجامعات البريطانية ويكون اجتياز اختبار الايلتس او التوفل من ” المعهد البريطاني او الامديست” شرط للقبول للدراسة في الجامعات البريطانية ولا تعترف الجامعات البريطانية بأي شهادة عن أي مركز غيرهما .

    تسهيل مهام
    وقد اتصلت معدة التحقيق على أحد هذه المعاهد ويسمى “م. و. م.” والذي يقدم عروض لدورات في اللغة الإنجليزية بأسعار مخفضة وسألت الموظفة عن معنى الاعتماد المذكور في الاعلام من جامعة أوركيد التابع لكلية كامبريدج البريطانية وأكدت ان المعهد معتمد من جامعة كامبريدج مدعية أنه يمكن ان يساهم في مساعدة الطالب في التقدم لدراسة في الجامعات البريطانية أو المساعدة في التقدم لوظيفة دولية ووعدتها ان تطلعها على موافقة جامعة كامبريدج على اعتماد المركز!

    وفي “. س.” كان الأسلوب مبالغ فيه بعض الشي، فترد عليك موظفة الاستقبال وتقول لك بشكل ألي، شهادتك معتمدة من مركز جامعة كامبريدج للتدريب، واسمك مسجل هناك كخرجي من خريجي المعهد كأنك بالضبط تخرجت من هناك !
    وحينما طلبت معدة التحقيق أي ورق يثبت أو يدل على الاتفاقية ما بين المركز التعليمي والجامعة البريطانية تملص أصحاب المراكز من الرد. ومن جهة أخرى نشر أحد المراكز اتفاقية مبهمة باللغة الإنجليزية بين مركز اللغة وجامعة كامبريدج.
    وهنا لجأت معدة التحقيق إلى مركز الخدمات الاستشارية في لندن والذي يقدم استشارات وخدمات للطلبة في بريطانيا، وعرضت على مدير المركز الدكتور رائد العطل إعلانات المراكز ومن ضمنها الاتفاقية المذكورة قال:

    لا يوجد أي علاقة بين جامعة كامبريدج وهذه المراكز، والمفترض والمعمول به في حالة كان هناك اتفاقية مع مركز تدريب كامبريدج وأي مكان في العالم أن ترسل الجامعة فريق مختص لفترة بالإضافة إلى طاقم مدرسين وموظفين للإشراف على الطلاب وعمل مقابلات معهم واعتماد شهاداتهم مؤكدا أن كامبريدج لا تعرف بالموضوع مطلقا.

    ويؤكد العطل أن هناك طلبة احضروا شهادات من معهد السلام للغات في غزة ولم نستطع تقديمها للجامعة لأنها غير معترف بها ومزورة واذا قدمت إلى الجامعة ستتسبب بمشاكل للطالب قد تؤثر على قبوله في الجامعة لأنها تنتحل اسم الجامعة .

    أساس المشكلة
    ويشرح رائد العطل آلية إعطاء التراخيص من قبل الحكومة البريطانية وكيف استغلت المعاهد هذه الآلية حيث يقول: هذا الموضوع من أخطر الموضوعات والتي يتعرض من خلالها المواطن للخداع منوها على أن كثير من المراكز أرسلت له عناوينها الالكترونية للتأكد من مدى وجودها في بريطانيا.

    وقد وصف العطل هذه العملية باللعبة المحبوكة، نظرا لسبب مهم جدا وهو أن المشكلة تكمن في أن إعطاء تراخيص الشركات التجارية في بريطانيا يعد أمر سهل للغاية ويتم ذلك خلال عشر دقائق حيث يمكن أن تحصل على ترخيص وفقا للنظام البريطاني مقابل ثلاثين دولار، ولكنه ترخيص لشركة تجارية وليست تعلمية، فترخيص المؤسسات التعلمية معقد جدا وليس بهذه السهولة.

    ويكمل العطل: ثم أقوم بفتح فرع لها في غزة وهكذا يكون معي ترخيص من بريطانيا حتى لو لم يكن مواطن بريطاني ويطلق عليه اسم ” أكسفورد، كامبريدج” وهو مجرد اسم وبالتالي يكون أمام المسؤولين في غزة هو صاحب شركة اسمها كامبريدج وهذا لا يعني أنه فرع من جامعة كامبريدج، وهذا ما يفعله معظم مراكز تدريبات اللغة.

    ويضيف العطل، يدرس الطالب في هذا المعهد ظانا أنه معهد مرخص من الجامعة البريطانية، وتكون عبئا عليه بدلا من دافع له للقبول في الجامعة البريطانية، رغم أن هذه المعاهد جميعها تلعب على وتر السفر وكأنها ستساعد في تسهيل سفر الطالب، وهذا يظهر جليا في إعلاناتها.

    ويكمل العطل: سيصدم الطالب في النهاية لأن الجامعة ستتهمه بالتزوير لأن الشهادة من مركز تعلمي ينتحل اسم جامعتها .
    ثم يؤكد من جديد: لا يوجد لجامعة كامبريدج أي فرع في غزة، وانا تواصلت مع الجامعات وهي من اكد لي ذلك . وامر ترخيص مركز تعليمي أمر في غاية الصعوبة وعقد اتفاقيات مع مراكز في غزة أمر أصعب للغاية، ولا يوجد أي اتفاقيات والدليل اننا نقدم هذه الشهادات للجامعات ولا يتم قبولها .
    ولفت إلى اختبار الايلتس الذي تدعي بعض المعاهد أنها تقدمه للطلبة حيث قال: نحن في مركز الخدمات الاستشارية في لندن نرفض قبول أي طلب حصل على اختبار الايلتس من أي مركز غير المركز البريطاني او الامديست وغيرها من الشهادات تعتبر مزورة .

    تجارة الوهم
    علاء الذي يقيم حاليا بلندن درس في مركز للغات في غزة ويقول : قالوا لي أن الشهادة معتمدة من كلية كامبريدج ودفعت في ذلك الوقت 400 دولار وقد كان نظام التدريس سيء ولا يلتزمون بما هو موجود في الكتب والشهادات واحدة وكلها مطبوع عليها جامعة كامبريدج.

    ويلفت علاء أنه لو استفاد من دراسة المركز لما حصل على فيزا بالمطلق لأن الدراسة لديهم مملة بل تفرغ للدراسة الذاتية لوحده في البيت وحصلت على شهادة الايلتس من المعهد البريطاني .

    أيضا عبد الرحمن الحرازين مقيم في لندن وسجل زوجته في احد المعاهد في غزة الذي نشر على صفحته معاهدة موقعه بينه وبين كامبريدج لإقناع الناس بالتسجيل بالدورات وبأن الدورات ستساعدهم بالحصول على الفيزا، ثم اكتشف الحرازين أنه لا وجود لأي معاهدة مع كامبريدج حينما ذهب بنفسه إلى مقر الجامعة وسألهم عن مدى صحة ادعاء المعهد في غزة .

    وتحاول بعض المعاهد اللعب على مسألة السفر والهجرة بإعطاء إيحاء للطلبة والشباب بأن الدورات لديهم تساعدهم على الحصول على فيزا، بينما لا يعتمد لدى بريطانيا أي شهادة من أي معهد سوى شهادة اجتياز اختبار الايلتس والتي لا يقوم بها سوى المعهد البريطاني الذي توقف عن إعطاء دوراته الإنجليزية منذ فترة، ولكنه ما زال يستقبل الطلبة لاجتياز اختبار الايلتس بين الفترة والأخرة والذي يعد شرطا أساسيا للحصول على الفيزا البريطانية ، ما دفع بعض المعاهد لأن تنتحل شعار المعهد البريطاني في إعلاناتها وتدعي أنها تقدم للطالب اختبار الايلتس أيضا، كما هو موضح بالصور المرفقة.

    الوكيل الحصري
    ولم يتوقف الأمر عند المعاهد فقد عثرت معدة التحقيق على اعلان لأحدى الروضات في القطاع والتي تدعي انها تدرس الأطفال باللغتين الإنجليزية والعربية تحت اشراف مجموعة المركز الأمريكي وجامعة هارفي.
    بل ان الأمر تجاوز ذلك وأعلنت الجامعة الإسلامية بغزة على صفحة مجلس طلابها عن م12 مستوى تدريبي للغة الإنجليزية برسوم 150 دولار وبشهادة معتمدة من كلية أوركيد البريطانية والمعتمدة من كامبريدج على حد قول الإعلان!
    وقد هاتفت معدة التحقيق الدكتور حسام عايش مدير التعليم المستمر في الجامعة الإسلامية الذي أوضح ان الجامعة ليس لها علاقة بالموضوع وأن مجلس الطلاب مخول أن ينشر على صفحته إعلانات لدورات اللغة الإنجليزية في أي مكان منكرا أن يكون للجامعة أي علاقة بالموضوع ! وانها لا تعقد أي اتفاقيات تعليمية مع أي مؤسسات تعلمية خارج الجامعة ! وانما هي دروات عادية للتأهيل لاختبار الأيلتس أو التوفل فقط .

    وأكد عايش ما قاله رائد العطل مسبقا بأن أي مركز للغة يستطيع أن يفتح شركة تجارية باسم كامبريدج او اكسفوررد أو يطلق عليها أي اسم يريد خلال خمس دقائق في لندن ومقابل 30 جنيه إسترليني وهذا ما أعطى فرصة لظهور الكثير من المعاهد التي تدعي انها فرع من كامبريدج، وقد تكون صادقة، ولكن هذا فرع من مجرد شركة تجارية وليست تعليمية لأن المؤسسة التعلمية إجراءات ترخيصها أصعب من أي شركة عادية .

    وللتأكيد هاتفت معدة التحقيق الأكاديمية البريطانية للغات والتي نشرت على صفحتها على فيس بوك اتفاقية موقعة مع كلية كامبريدج للغات، ورغم أننا واجهناها بالمعلومة التي زودنا بها المعهد البريطاني في القدس بحقيقة انه لا وجود لأي اتفاقية لأي جامعة بريطانية أو مؤسسة تعلمية في بريطانية مع أي مركز للغة في الضفة وغزة بالمطلق وأن كل هذه المراكز التي تدعي أنها موقعة لاتفاقية كاذبة .

    ورغم مواجهة مديرة الأكاديمية بهذه الحقيقة إلى أنها أنكرت وأصرت على أن هناك اتفاقية موقعه مع كلية كامبريدج وبأن الاكاديمية البريطانية للغات هي الوكيل الحصري والوحيد لكامبريج .
    وذهبت معدة التحقيق فعلا لزيارة الاكاديمية وفوجئت بأن اتفاقيتها صحيحة وأطلعتنا على موقع المؤسسة التي عقدت معها الاتفاقية في لندن واشارة على صفحتها بالاتفاق مع فرعها في غزة بأسماء المسؤولين عن الفرع.

    ولكنها اعترفت أيضا أن الاكاديمية ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بجامعة كامبريدج وانما هي مؤسسة تعلمية في لندن تحمل نفس الفرع، وحينما بحثت معدة التحقيق عنها على شبكة الانترنت فوجئت بأكثر من ست مؤسسات في لندن تحمل اسم كامبريدج وتدعي أنها مؤسسة تعليمية وإنما هي في الأصل مؤسسة تجارية وليست تعلمية والأكاديمية فعليا واحدة منها ومعظمها أغلقت من قبل الحكومة البريطانية، وهذا يعني أن فرع الاكاديمية في غزة وقع في فخ النصب من قبل مركز المؤسسة الرئيسي في لندن !
    وتواصلت أيضا معدة التحقيق مع عدد من المعاهد المشهورة والتي تدعي أيضا أنها الوكيل الحصري والوحيد لكامبريج في محاولة الحصول على وثائق تثبت مصداقيتها ولكن لم تتلقى رد منها حتى كتابة هذا التحقيق .

    كلها كاذبة
    ولقطع الشك باليقين توجهت معدة التحقيق الى وزارة التربية والتعليم وقابلت حسن العيلة رئيس قسم التعليم الخاص في الوزارة والذي نفى أن يكون هناك أي وكيل لأي مؤسسة تعلمية دولية في غزة لافتا أنه ومن ضمن تعليمات الوزارة فإنه يجب على أي مركز إذا أراد أن يكون فرعا من أي مؤسسة تعليمية دولية أن يكون معتمد من قبل وزارة الخارجية والسفارة الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم في الدولة الأجنبية بالإضافة الى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لإثبات صحة البرنامج التعليمي من عدمه وإذا التزم المركز بكل هذه الشروط يمكن ان يعتمد دوليا.
    قائلا: كل هذه الشروط لا تنطبق على أي مركز تعليمي في غزة ، وليس لأي منها علاقة بأي مؤسسة دولية باستثناء مركز الحساب العقلي فهو الوحيد المعتمد دوليا.

    ولفت العيلة إلى أن الاجتماع الأخير كان قبل أسبوع من كتابة هذا التحقيق، مع هذه المراكز للتنويه لخطورة ما تقوم به ووضعت شروط رادعة لمعاقبة أي مركز وإذا ما تقدم أي مواطن بشكوى الى الوزارة يمكن أن يكون المركز مهدد بسحب الترخيص وإيقاف العمل في المركز.

    وقد أضاف العيلة أن هناك 230 مركز تعليمي في غزة، 30 % منها مخصصة لتعليم اللغات الأجنبية موضحا أن الوزارة لا تعطي الترخيص لأي مؤسسة الا بعد الزيارة الميدانية للكشف عنها وعن صلاحية موقعها بالإضافة على أنها تتابع معاهد اللغة، وتشرف على امتحانات المستويات، بحيث تقدم لكل مستوى شهادة منفصلة عن الآخر لتضمن جودة ما يقدم للطلبة.

     

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب

  • مراكز بحوثٍ ومؤسساتٍ أهليةٍ تستغل ثغرات القوانين للحصول على تراخيصٍ تحصنها من الرقابة على جلب الأموال باسم المزارعين

    تحقيق- نادر القصير

    يعاني المزارع عبد الهادي أبو السعيد الملقب “بالزعيم” من شح المياه وتكلفتها الباهظة رغم وجود مؤسسات تدعي رعايتها واقامتها مشاريع لضخ المياه للمناطق الزراعية وهو ما لم يلمسه المزارعون في المناطق الزراعية

    ويستأجر ابو السعيد 110 دونمات منذ عدة أعوام وقام بزراعتها بالخوخ والعنب والمشمش والتفاح والزيتون في حي الفخاري شرق محافظة خانيونس، وهو يدفع 18000 دينار إيجار المزرعة سنويا.

    ويوجد في قطاع غزة نحو 42 جمعية زراعية، 28 جمعية تعاونية، وعدد من مراكز البحوث والدراسات التي تجلب ملايين الدولارات كمساعدات ومشاريع للمزارعين دون أي تطور في هذا المجال ،مع العلم ان مراكز البحوث تستحوذ على اموال المزارعين رغم عدم اختصاصها وتستغل ثغرات في القوانين وغيابَ الرقابة لجلب مشاريعَ بالملايين باسم المزارعين.

    الأمر الذي يجعل من الأهمية بمكان تتبع أوضاع المزارعين والوقوف على معاناتهم بأشكالها ومدى مصداقية ذهاب تلك الأموال التي تأتي لنجدتهم ، لجيوب لم ترحم ضعفهم وقلة حيلتهم والمعاناة المكدسة الواقعة على كاهلهم، ومعرفة مدى حضور الرقابة بتعدد أشكالها على تلك المؤسسات التي تتحكم في قنوات التمويل ، فعلى الرغم من الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أعوام، وتدهور الوضع الإنساني والصحي والتعليمي والاقتصادي ومختلف مناحي الحياة، لم يشفع للغزيين عند بعض المؤسسات الأجنبية التي تقدم مشاريع ضعيفة الجدوى مقارنة بسوء الأوضاع، في ظل تكلفة تشغيلية عالية تحسب على القطاع الزراعي كمساعدات والواقع قد يثبت شيئا آخر لذلك كان لا بد من الاطلاع عن كثب على شكاوي المزارعين ومعرفة تفاصيل محنتهم مع المساعدات الدولية ومدى مصداقية المشاريع المعلن عنها على أرض الواقع.

    ويوضح أبو السعيد أحد أشكال معاناته كمزارع قائلا : أن تكلفة ساعة ضخ المياه من الآبار التجارية 100 شيكل ، وعند انقطاع الكهرباء تصبح تكلفة ساعة ضخ المياه 150 شيكل، و تحتاج المزرعة لخمسة ساعات يوم بعد يوم ، ويؤكد أبو السعيد أن المزرعة تم استصلاحها منذ عام 2014  بتكلفة نصف مليون دولار، وحتى الآن مدانة بمبلغ 100 ألف دولار نتيجةَ التكلفة العالية لرعايتها.

    ويشير إلى أن المؤسساتِ الدوليةَ والمحليةَ القاعدية حتى المختصة منها لا تقدم شيء يذكر للمزارعين ، رغم حاجة قطاع الزراعة لخطٍ ناقل يصل المياه من المنطقة الغربية في المحررات إلى المنطقة الزراعية.

    ودعا المؤسسات الدولية بالعودة للمزارعين والمؤسسات المختصة لرصد احتياجات وأولويات المزارعين الحقيقية بدلا من اقتصار المساعدات القليلة التي لا تذكر على شكل اغاثي ، نافيا أن يكون قد تلقى أية مساعدات لمزرعته على الرغم من تكاليفها العالية ، موضحا أن بعض المزارعين استفادوا من بعض المساعدات التي لا تذكر وتكون غالبا على شكل كيس سماد او علبة بذور زراعية او برابيش لدونم واحد فقط وعلى فترات متباعدة جدا قد تصل لعدة سنوات ، أو كابونات غذائية بسيطة.

    ويؤكد ابو السعيد إلى أن غياب التخصص لدى المؤسسات المانحة والمشرفة على المشاريع الخاصة بالمزارعين  يعد بمثابة هدر للأموال القادمة من الدول المانحة وغياب للشفافية والعدالة في التوزيع.

    وانتقد أبو السعيد غياب الدور الحقيقي لوزارة الزراعة في الرقابة على تلك المشاريع وآليات التصرف في الأموال القادمة كمنح للمزارعين ، ومعرفة سبل صرفها ، والعمل على رسم خطط إستراتيجية لخدمة أولويات واحتياجات المزارعين.

    وتشكل المبالغ الباهظة التي يشتري بها المزارعون المياه لري محاصيلهم ثقلا كبيرا لا يحتملونه وتلحق بهم خسائر كبيرة خاصة إذا ما تعطلت مضخات المياه لفترة قد يفقد المزارعين مزروعاتهم ، إلا أن د. نبيل أبو شمالة مدير عام السياسيات والتخطيط بالوزارة ينفي ما يقوله المزارعين ويؤكد بان وزارته وجهت مشروع للمياه المعالجة للمساعدة بالري في الشوكة إلا أن المزارعين رفضوا ذلك ومن ثم تم تحويل المشروع لمنطقة المحررات غرب رفح.

    ولكن عند الاستيضاح من المزارعين ومن بلدية الشوكة تبين أن المشروع المقترح من وزارة الزراعة لاستخدام المياه المعالجة تم رفضه لأنه مخصص لري الأشجار وليس للمزروعات الموسمية وهي الفئة الأكبر من المزارعين كما ذكر عضو المجلس البلدي ببلدية الشوكة عابد أبو شلوف .

    وجاء رفض المزارعين للمياه المعالجة خشية اتهامهم من قبل المواطنين بأنهم يروون مزروعاتهم بمياه أصلها من الصرف الصحي وتم معالجتها، ويؤكد أبو شلوف أن وزارة الزراعة حتى اللحظة رغم تعاقب الوزراء عليها إلا أن نشاطها في إحياء منطقة الشوكة شرق رفح لا زال أشبه بالصفري طالما لم يتم توفير خط مياه ناقل للمزارعين من المنطقة الغربية.

    إهدار للمال

    وتحيط حالة من الريبة بالنشاط المؤسساتي والتمويل للقطاع الزراعي في ظل اهدار عشرات الملايين من الدولارات التي تذهب في مهب الريح من أمام المزارعين وعلى أعينهم دون الحصول على أي مكتسبات حقيقية تساهم في تنمية زراعتهم وحقولهم ورفع مستوى إنتاجها وحمايتهم من الخسائر الفادحة ، ومساعدتهم في توفير المياه.

    ويؤكد المزارع أبو هشام الهسي أنه يسمع أن هناك عشرات ملايين الدولارات تأتي سنويا كمساعدات للمزارعين والقطاع الزراعي بقطاع غزة ولكن اين تذهب؟!!!!

    ويشير الهسي الذي يمتلك 40 دونماً في أماكن متفرقة برفح ويقوم بزراعتها بالعنب والخضروات الى أن المساعدات التي تأتي لبعض المزارعين يتم اختيارهم بمحسوبية من قبل بعض المؤسسات القاعدية ، وهناك أناس غير مزارعين يستفيدون من تلك المساعدات ، ويقومون ببيعها لاحقا وهذا يتم بالتوافق مع المسئولين عن التوزيع.

    واتهم الهسي بعض المؤسسات باشتراط المناصفة مع العمال في رواتب البطالة التي تصرف لهم لتسجيلهم فرص العمل التي توفرها بعض المشاريع وينتظرونهم أمام البنوك لتقاسم حصتهم من رواتبهم ولا يكفيهم ما يستفيدونه كمؤسسات.

    وانتقد الهسي المؤسسات المانحة بعدم الرقابة على المؤسسات التي تشرف على تمويل القطاع الزراعي، وأوضح الهسي أن المناطق الشرقية بشكل عام تعاني من أزمة في المياه وتكلفتها أن وجدت من قبل الآبار التجارية وهذا يضاعف معاناتهم ويجعلهم رهينة لمالكي تلك الآبار الخاصة وقد يخسر البعض مزروعاته لعدم مقدرته على دفع تكاليف المياه.

     محسوبية

    وهناك العديد من المزارعين الذين تم حصر أضرارهم خلال الاجتياحات والحروب وخاصة الحرب الأخيرة في عام 2014 م يشتكون من عدم حصولهم على أية مساعدات أو تعويضات عن خسائرهم في الحروب ومنهم من وصلت خسائرهم لعشرات آلاف الدولارات ،فيما حصل غيرهم على تعويضات مباشرة بعد فترة قصيرة وفقا للمشتكين.

    ويقول المزارع جلال طلب العرجا وبعد أن أظهر وثيقة معتمدة من وزارة الزراعة تقر بأنه تم حصر أضراره بمبلغ 11 ألف دولار تقريبا ، : “منذ أربعة سنوات ونحن نتوجه لكل الجهات المختصة لتحصيل خسائرنا ولكن للأسف حتى اللحظة لم يقدم لنا أي مساعدة أو تعويضٍ رغم الوعود المتكررة بذلك” ، وأشار إلى أنه دائم التواصل والمتابعة مع وزارة الزراعة ولكن ردهم الدائم لا يتغير ويتمثل في أنه لا يوجد شيء جديد بخصوصهم.

    ويبدي العرجا استهجانه بما يسمعه دائما على صفحات الانترنت بوجود مشاريع تدعم المزارعين وتساعدهم بالنهوض من جديد ، متهما تلك المؤسسات التي تدعي بعمل مشاريع وهمية.

    وفي معرض رده على اتهامات المتضررين الذين لم يحصلوا على تعويضات رغم مرور أربعة سنوات على الحرب الأخيرة لوزارة الزراعة بالتقصير أوضح د. نبيل أبو شمالة أن الأضرار المباشرة وصلت الى 330 مليون دولار وغير المباشرة وصلت إلى 170 مليون دولار ، فيما لم يصل من أموال الدول المانحة لتعويض المزارعين سوى ما يقارب 100 مليون دولار وقامت الوزارة بتعويض وتأهيل الدفيئات الزراعية بشكلٍ كاملٍ وغطت قطاعاتٍ زراعية بشكلٍ كاملٍ كالآبار وقطاع الأغنام والحقول المفتوحة والمزارع .

    وتشكل المائة مليون دولار خمس الاضرار على حين أن ومؤسساتٍ حصلوا على تعويضاتٍ كاملة بينما الغالبية لم يحصلوا على شئ بما يؤكد سوء التوزيع وغياب العدالة والشفافية.

    تجارة المشاريع

    وبدوره يشير أشرف محارب عضو مجلس إدارة جمعية مزارعي رفح الخيرية إلى أن الحصول على تمويل للمشاريع من المؤسسات الدولية أصبح تجارةً رائجةً في ظل وجود سماسرة المشاريع وتعامل تلك المؤسسات معهم كوسيط مُلزم لقبول أيةِ مشاريع ، منوها إلى أن المختصين في الجمعية تلقوا عدة دورات مكثفة ومهنية لكتابة المشاريع واستعانت الجمعية بطاقم مهني وذوي خبرةٍ كبيرةٍ في كتابة المشاريع  وتقدمنا إلى عدد كبير من مؤسسات لمشاريع لمساعدة المزارعين وعوائلهم، ومن تلك المؤسسات التي لم تقدم لنا شيئا “كير” و”معا” واتحاد لجان العمل الزراعي وأنيرا والإغاثة الإسلامية ، وفارس العرب ، قطر الخيرية وهيئة العمل الخيرية ، وللأسف لم يتم التجاوب مع طلباتنا بالمطلق ولم يفلح كل ذلك بالحصول على مشاريع.

    وتابع محارب : ولقد تعرضنا للمساومة من قبل بعض سماسرة المشاريع وتلقينا عروض بجلب مشاريع مقابل نسبة فيها ، مشيرا إلى أن الحصول على مشروع يخدم بشكل حقيقي المزارعين ويلبي احتياجاتهم الحقيقية أمر صعب ، لافتا إلى أن بعض المشاريع الصغيرة التي عرضت عليهم لم تكن مفيدة للقطاع الزراعي كثيرا حيث أن النفقات الجارية فيها تعدت نسبة 50%.

    وهذا يؤكد ما كشفه احد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة محلية تختص بالمزارعين بان مؤسسته لم تفلح بالحصول على مشاريع إلا بعد أن تلقت عروض من سماسرة مشاريع واضطرت لقبول عروضهم بنسبة 12 % من قيمة المشروع.

    أوضاع المزارعين صعبة

    وفي ظل حالة التيه والتخبط وغياب التخصص لدى المؤسسات صاحبة القرار بتمويل القطاع الزراعي وعدم وجود هيكلية واضحة وخطط إستراتيجية ممنهجة تنصف المزارعين وتنهض بالقطاع الزراعي في قطاع غزة، تبقى معاناة المزارعين سيدة الموقف، وهذا كما يؤكده رئيس مجلس إدارة مزارعي رفح الخيرية مدحت أبو شنب بأن أوضاع المزارعين في غاية الصعوبة وتكاليف الزراعة عالية جدا ، وتابع قائلا المؤسسات الكبيرة يجب أن تعمل بالشراكة مع المؤسسات القاعدية ليست فقط في التنفيذ وإنما أيضا في التخطيط والتعرف على احتياجات المزارعين ومشاكلهم المزمنة والطارئة.

    وهذا ما حاول د. أبو شمالة نفيه متذرعا بان وزارة الزراعة تقدم دراسات مشاريع تراعي احتياجات المزارعين لتنفيذها ، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع لدي القطاع الزراعي يثبت عكس ذلك وفقا لشكاوى المزارعين والمؤسسات المحلية ” القاعدية” التي تعنى بشؤونهم.

    ويشتكي رئيس مجلس إدارة جمعية مريم العذراء الخيرية  مازن شيخ العيد  أن أغلبية المؤسسات المختصة بفئة المزارعين وعوائلهم لا تستطيع تغطية تكاليف إيجار مقراتها ونفقاتها، مبينا أن هناك مؤسسات بالفعل استسلمت للظروف المالية القاهرة وأغلقت أبوابها منها جمعية الحياة وجمعية التنمية الشبابية وجمعية  الحصاد الزراعي وغيرها من المؤسسات.

    ويبلغ عدد المزارعين برفح 1200 مزارع رجال وهناك 350 سيدة مزارعة ، بينما توجد نحو 2400 دونم مخصصة للزراعة في منطقة الشوكة.

    وعل الرغم من أن شكاوي المزارعين والمؤسسات القاعدية المختصة لا تنتهي، وتتركز في غياب خطة إستراتيجية للنهوض بالقطاع الزراعي ووجود أفراد غير متخصصين تتحكم بالمشاريع وتوزيعها بشكل عشوائي إلا أن د. أبو شمالة أصر على وجود آلية واضحة للتعامل بين وزارته والجمعيات الزراعية ، مقرا بان هناك مؤسسات دولية مانحة تتجاوز الوزارة في المشاريع المقدمة للقطاع الزراعي لأسباب سياسية ، وأوضح أن هناك مشاريع أعدتها الوزارة وقامت بتنفيذها جهات مانحة ومنها مشروع استخدام المياه المعالجة في الري ، وتأهيل أبار مياه ومدها بالطاقة الشمسية وكان ذلك بالتعاون مع مؤسسات “أوكسفام واتحاد لجان العمل الزراعي وبكدار “.

    ولكن في المقابل لم ينفى د. أبو شمالة علمه بان هناك من يستغل الحصول على ترخيص مراكز البحوث لجلب تمويل لمشروع شبكات ري للمزارعين بما يخالف التخصص والتراخيص الممنوحة لتلك المراكز، مشيرا إلى أن الوزارة تسعى لتقديم خدمات للمزارعين و يبقى حجم التمويل لهذا القطاع هو الفيصل في الأمر.

    وزارة الداخلية توضح حدود صلاحياتها

    تعدد الجهات الرقابية والقوانين واستغلالها من قبل بعض الجمعيات ومراكز البحوث ادى إلى إهداء مساعدات المزارعين ،ويقول أيمن عايش مدير التراخيص بوزارة الداخلية بغزة :” كافة الجمعيات الخيرية المحلية “الخيرية” ، تقع تحت رقابة الوزارة ، وتتابع أيضا أية شكاوي تتعلق بعمل تلك المؤسسات ، وتحارب كافة مظاهر الاستغلال والتلاعب في المواصفات وعمليات المساومة والسمسرة على المشاريع، وما يتم من تلاعب بأسماء المستفيدين واستبدالهم بآخرين”.

    وأقر عايش وجود عدد من المؤسسات التي حصلت على تراخيص تحت بند مراكز بحوث أو تنمية من وزارة الإعلام ومن تلك المؤسسات من قام بجلب تمويل لمشاريع تخص المزارعين ، وتم أخذ تعهدات عليهم بعدم تكرار ذلك، وكذلك تم إبلاغ وزارة الإعلام الجهة المانحة للترخيص بهذا الشأن للمتابعة.

    مبينا أن وزارة الداخلية ليست لها صلاحيات للاطلاع على عمل تلك المؤسسات ومراقبتها بشكل مباشر ، وكذلك الأمر بالنسبة للجمعيات التعاونية التي تحصل على تراخيصها من قبل وزارة العمل وهي الجهة المخولة رسميا بمتابعة شؤونها وتقارير العمل فيها وفق القوانين المتبعة ، إلا أنه أكد وجود ضعف في الرقابة على تلك الجمعيات الأهلية ناتج عن عجز بنيوي في جهات الاختصاص وليس نابعا من فقدان لإرادة وهي ليست جمعيات خيرية.

     وزارة الاعلام ترد

    من ناحيته أكد مدير دائرة التراخيص بوزارة الإعلام أحمد رزقة وجود لجنة خاصة للتراخيص بوزارة الإعلام تقوم بدراسة ملفات المؤسسات الراغبة بالترخيص وتتبع معهم مقتضيات قانون الاعلام لعام 95م وما يتبعه من أوامر إدارية ، إلا أن هناك من تجاوز حدود العمل المتخصص له في البحث والتنمية وقام بالفعل بجلب مشاريع تخص المزارعين وتم إبلاغنا في إحدى الحالات من وزارة الداخلية ، وهناك غيرها من المؤسسات من علمنا بتجاوزها لحدود تخصصها وجلب مشاريع للمزارعين من خلال متابعة نشاطاتها الإعلامية .

    مشيرا إلى أن وزارة الإعلام ليس لها علاقة بالرقابة المالية وليس لديها جهة تابعة للوزارة تتابع هذا الأمر ، وتقتصر متابعتها على المحتوى الإعلامي وحفظ حقوق العاملين بحقل الإعلام وما يقع تحت طائلة الوزارة من الناحية القانونية ، إلا أن هناك من يستغل ذلك ويحاول تجاوز حدود التراخيص الممنوحة له ونحن نسعى كوزارة لمتابعة هذا الأمر ومنع تلك المؤسسات من تجاوز حدود تخصصها في المحتوي البحثي والإعلامي.

    هيئة العمل التعاوني

    وعلى الرغم من المصوغات القانونية التي تمنح الجمعيات التعاونية التراخيص ووجود هيئة متخصصة تم استحداثها العام الماضي بعد أن كانت وزارة العمل تشرف بشكل مباشر على عملية الترخيص والرقابة على الجمعيات التعاونية، إلا أن هناك ريبة واضحة لدى المستفيدين من تلك الجمعيات حول ماهية الأموال التي يتم جمعها لمساعدة الأعضاء من فئات مختلفة سواء كانوا صيادين أو حرفيين أو غير ذلك مما جعل العودة لهيئة العمل التعاوني ضروري للاطلاع على دورها في الرقابة على تلك الجمعيات ، والتقينا مدير عام هيئة العمل التعاوني نبيل المبحوح الذي أوضح أن الجمعيات التعاونية يحق لأعضائها ومجلس إدارتها والمساهمين الاستفادة من الأرباح البسيطة ، و تابع بان عدد الجمعيات الزراعية بقطاع غزة لا يتجاوز 26 جمعية الفاعلة منها 18 جمعية فقط ، وهذا يدلل على صعوبة إجراءات وشروط الحصول على تراخيص الجمعية التعاونية ، مقرا بغياب أي دور رقابي حقيقي على تلك الجمعيات بما يخص المساعدات الاغاثية.

    ولم يستبعد المبحوح أن يكون هناك عدم وجود عدالة في توزيع تلك المساعدات، أو وجود محسوبية في آليات التوزيع والفئة المستفيدة منها لكنه ألقى بالمسؤولية على الجهةِ المانحةِ التي يفترض بها متابعة ومراقبة آليات التصرف بالتمويل لتلك الجمعيات.

    الآراء الواردة فى التحقيق تعبر عن آراء الصحفي ولا تمثل بالضرورة وجهات نظر ملتقى اعلاميات الجنوب